نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قَالَ إِنَّمَا ٱلۡعِلۡمُ عِندَ ٱللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّآ أُرۡسِلۡتُ بِهِۦ وَلَٰكِنِّيٓ أَرَىٰكُمۡ قَوۡمٗا تَجۡهَلُونَ} (23)

ولما تضمن قولهم هذا نسبة داعيهم عليه الصلاة والسلام إلى ما لا دلالة لكلامه عليه بوجه ، وهو ادعاء{[58934]} العلم بعذابهم والقدرة عليه وتكذيبه في كل منهما اللازم منه أمنهم اللازم منه-{[58935]} ادعاؤهم العلم بأنهم لا يعذبون ، وكانوا كاذبين في جميع ذلك كان-{[58936]} كأنه قيل : بم أجابهم ؟ فقيل : { قال } مصدقاً لهم في سلب{[58937]} علمه بذلك وقدرته عليه ، مكذباً لهم في نسبتهم إليه ادعاء شيء منهما وإلى أنفسهم بأنه لا يقع : { إنما العلم } أي{[58938]} المحيط بكل شيء عذابكم وغيره { عند الله } أي المحيط بجميع صفات الكمال ، فهو ينزل علم ما توعدون على{[58939]} من يشاء إن شاء{[58940]} ولا علم لي الآن ولا لكم بشيء من ذلك ولا قدرة{[58941]} .

ولما كان العلم المحيط يستلزم القدرة ، فكان التقدير : فليست القدرة على الإتيان بعذابكم إلا له سبحانه وتعالى لا لي ولا لغيري ، وليس عليّ إلا البلاغ {[58942]}كما أوحى إليّ ربي بقوله سبحانه

{ إن عليك إلا البلاغ }{[58943]}[ الشورى : 48 ] وقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم من الوعظ بأن أعمالكم أعمال من قد أعرض عن سيده{[58944]} وعرض نفسه {[58945]}للهلاك والعذاب{[58946]} بإشراكه بالمحسن المطلق من لا يكافئه بوجه فهو{[58947]} بحيث يخشى عليه الأخذ ، عطف عليه قوله : { وأبلغكم } أي أيضاً في الحال والاستقبال { ما أرسلت } أي ممن لا مرسل في الحقيقة غيره ، فإنه يقدر على نصر رسوله{[58948]} { به } أي من التوحيد وغيره ، سواء كان وعداً أو وعيداً أو غيرهما لو لم يذكر الغاية لأن ما أرسل به صالح لهم ولغيرهم .

ولما كان معنى الإخبار بالإبلاغ أنه ليس عليّ إلا ذلك ، وكان معنى قصر العلم المطلق على الله تصديقهم في نفي علمه عليه الصلاة والسلام بذلك ، حسن قوله مستدركاً{[58949]} علمه بجهلهم : { ولكني أراكم } أي أعلمكم علماً هو كالرؤية{[58950]} { قوماً } غلاظاً شداداً عاسين { تجهلون * } أي بكم-{[58951]} مع ذلك صفة الجهل ، وهو الغلظة في غير موضعها مع قلة العلم ، تجددون ذلك على سبيل الاستمرار بسبب-{[58952]} أنكم تفعلون بإشراككم بالمحسن المطلق وهو-{[58953]} الملك الأعظم من لا إحسان {[58954]}له بوجه{[58955]} أفعال من يستحق العذاب ثم لا تجوزون{[58956]} وقوعه وتكذبون من ينبهكم{[58957]} على أن ذلك أمر يحق أن يحترز منه ، وتنسبونه إلى غير ما أرسل له{[58958]} من الإنذار من ادعاء القدرة على العذاب ونحوه .


[58934]:من ظ و م ومد، وفي الأصل:بما –كذا.
[58935]:زيد من م ومد.
[58936]:زيد من م ومد.
[58937]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: سلبه.
[58938]:زيد في الأصل و ظ: العلم، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[58939]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: إلى.
[58940]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: يشاء.
[58941]:زيد في الأصل:أيضا، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[58942]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[58943]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[58944]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[58945]:في م: للهلاك وللعذاب، وفي مد: للعذاب.
[58946]:في م: للهلاك وللعذاب، وفي مد: للعذاب.
[58947]:سقط من مد.
[58948]:زيد في الأصل: وإن في الحقيقة رسوله منصور، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[58949]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: مستركا.
[58950]:زيد في الأصل:أنكم، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[58951]:زيد من م.
[58952]:زيد من م ومد.
[58953]:زيد من م ومد.
[58954]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: إلا له ومنه بوجه وأفعالكم-كذا.
[58955]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: إلا له ومنه بوجه وأفعالكم-كذا.
[58956]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: لا يجرون.
[58957]:من ظ ومد، وفي الأصل و م: ينهيكم.
[58958]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: إليه.