ولما تضمن قولهم هذا نسبة داعيهم عليه الصلاة والسلام إلى ما لا دلالة لكلامه عليه بوجه ، وهو ادعاء{[58934]} العلم بعذابهم والقدرة عليه وتكذيبه في كل منهما اللازم منه أمنهم اللازم منه-{[58935]} ادعاؤهم العلم بأنهم لا يعذبون ، وكانوا كاذبين في جميع ذلك كان-{[58936]} كأنه قيل : بم أجابهم ؟ فقيل : { قال } مصدقاً لهم في سلب{[58937]} علمه بذلك وقدرته عليه ، مكذباً لهم في نسبتهم إليه ادعاء شيء منهما وإلى أنفسهم بأنه لا يقع : { إنما العلم } أي{[58938]} المحيط بكل شيء عذابكم وغيره { عند الله } أي المحيط بجميع صفات الكمال ، فهو ينزل علم ما توعدون على{[58939]} من يشاء إن شاء{[58940]} ولا علم لي الآن ولا لكم بشيء من ذلك ولا قدرة{[58941]} .
ولما كان العلم المحيط يستلزم القدرة ، فكان التقدير : فليست القدرة على الإتيان بعذابكم إلا له سبحانه وتعالى لا لي ولا لغيري ، وليس عليّ إلا البلاغ {[58942]}كما أوحى إليّ ربي بقوله سبحانه
{ إن عليك إلا البلاغ }{[58943]}[ الشورى : 48 ] وقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم من الوعظ بأن أعمالكم أعمال من قد أعرض عن سيده{[58944]} وعرض نفسه {[58945]}للهلاك والعذاب{[58946]} بإشراكه بالمحسن المطلق من لا يكافئه بوجه فهو{[58947]} بحيث يخشى عليه الأخذ ، عطف عليه قوله : { وأبلغكم } أي أيضاً في الحال والاستقبال { ما أرسلت } أي ممن لا مرسل في الحقيقة غيره ، فإنه يقدر على نصر رسوله{[58948]} { به } أي من التوحيد وغيره ، سواء كان وعداً أو وعيداً أو غيرهما لو لم يذكر الغاية لأن ما أرسل به صالح لهم ولغيرهم .
ولما كان معنى الإخبار بالإبلاغ أنه ليس عليّ إلا ذلك ، وكان معنى قصر العلم المطلق على الله تصديقهم في نفي علمه عليه الصلاة والسلام بذلك ، حسن قوله مستدركاً{[58949]} علمه بجهلهم : { ولكني أراكم } أي أعلمكم علماً هو كالرؤية{[58950]} { قوماً } غلاظاً شداداً عاسين { تجهلون * } أي بكم-{[58951]} مع ذلك صفة الجهل ، وهو الغلظة في غير موضعها مع قلة العلم ، تجددون ذلك على سبيل الاستمرار بسبب-{[58952]} أنكم تفعلون بإشراككم بالمحسن المطلق وهو-{[58953]} الملك الأعظم من لا إحسان {[58954]}له بوجه{[58955]} أفعال من يستحق العذاب ثم لا تجوزون{[58956]} وقوعه وتكذبون من ينبهكم{[58957]} على أن ذلك أمر يحق أن يحترز منه ، وتنسبونه إلى غير ما أرسل له{[58958]} من الإنذار من ادعاء القدرة على العذاب ونحوه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.