{ ومَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ 210 ومَا يَنبَغِي لَهُمْ ومَا يَسْتَطِيعُونَ 211 إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ 212 } [ 210 212 ]
تعليق على آيات { ومَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ }
إلى آخر { إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ }
الآيات استمرار في موضوع القرآن وهي والحال هذه استمرار للسياق السابق . ويبدو أن الكفار كانوا يقولون فيما يقولونه عن القرآن : إن الشياطين تتنزل به على النبي صلى الله عليه وسلم جريا على ما كانوا يعتقدونه من أن شياطين الجن كانوا يتصلون بالسحرة والكهنة والشعراء ويوحون إليهم أو ينقلونهم بما يقولونه ، ومن أن الشياطين كانوا يسترقون أخبار السماء وينقلونها إلى الكهنة ؛ على ما شرحناه في سياق تفسير سورة الجن ومناسبة سابقة أخرى ؛ فأكدت الآيات [ 192 195 ] أنه وحي رباني ، وجاءت هذه الآيات لتؤكد نفي صلة الشياطين به مما قد قام في أذهان الكفار أو زعموه من وحي عقائدهم .
وينطوي في الآيات وخاصة في تعبير { وما ينبغي لهم } معنى جليل فيما يتبادر لنا . وهو تقرير كون الشياطين الذين هم عناصر شريرة خبيثة لا يمكن أن يصدر عنهم إلاّ الأذى ووسوسة المعاني الدنيئة والإغراء والشر ، ولا يمكن أن يوحي بالقرآن الذي يدعو إلى الله تعالى وفضائل الأخلاق وصالح الأعمال ، وينهي عن الفواحش والخبائث والإثم والبغي والاتجاه لغير الله وإشراك غيره في العبادة والدعاء ، ويحذر من الشياطين ووساوسهم ، ولعلّ الآيات [ 192 195 ] وهي تقرر نزول الروح الأمين بالقرآن قد انطوت على هذا المعنى بسبيل المقارنة والإفحام والإقناع كأنما جاءت لتقرر أن مثل هذا القرآن الذي يحتوي ما يحتوي من الدعوة إلى الحق والخير والتحذير من الباطل والشر لا يمكن أن ينزل به إلاّ الروح الأمين بإذن الله البر الرحيم العادل الحكيم وأمره . ولقد كان السامعون يعتقدون بوجود الله وصفاته السامية . وهذا مما يقوي الإفحام والإقناع اللذين استهدفتهما الآيات . وهذا المعنى مؤيد بقوة ووضوح في آيات أخرى من السورة تأتي قريبا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.