قوله : { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ } : العامَّةُ على الياء/ ورفعِ النونِ ، وهو جمعُ تكسيرِ . وقرأ الحسن البصري وابن السَّمَيْفع والأعمش بالواوِ مكانَ الياءِ ، والنونُ مفتوحةٌ إجراءً له مُجْرى جمعِ السلامة . وهذه القراءةُ قد رَدَّها جمعٌ كثيرٌ من النحويين . قال الفراء : " غَلِطَ الشيخُ ظنَّ أنها النونُ التي على هِجاءَيْن " . وقال النضر بن شميل : " إنْ جاز أن يُحْتَجَّ بقولِ العَجَّاجِ ورؤبةَ فهلا جازَ أَنْ يُحْتَجَّ بقولِ الحسنِ وصاحبِه يعني محمد بن السميفع ، مع أنَّا نعلُم أنَّهما لم يُقْرآ به إلاَّ وقد سَمِعا فيه " . وقال النحاس : " هو غَلَطٌ عند جميعِ النَّحْويين " . وقال المهدويُّ : " هو غيرُ جائزٍ في العربيةِ " . وقال أبو حاتم : " هي غلطٌ منه أو عليه " .
وقد أَثْبَتَ هذه القراءةَ جماعةٌ من أهلِ العلمِ ، ودفعوا عنها الغَلَطَ ، فإنَّ القارىءَ بها من العلمِ بمكانٍ مَكينٍ ، وأجابوا عنها بأجوبةٍ صالحةٍ . فقال : النضر بن شميل : " قال يونس بن حبيب : سمعتُ أعرابياً يقول : " دَخلتُ بساتينَ من ورائِها بساتُون " فقلت : ما أشبَه هذا بقراءةِ الحسنِ " وخرَّجها بعضُهم على أنها جمعُ شَيَّاط بالتشديد مِثالَ مبالغةٍ ، مثلَ " ضَرَّاب " و " قتَّال " ، على أَنْ يكونَ مشتقاً من شاط يَشِيْط أي : أَحْرَقَ ، ثم جُمِع جَمْعَ سلامةٍ مع تخفيفِ الياءِ فوزنُه فَعالُون مخففاً مِنْ فعَّالين بتشديد العين . ويَدُلُّ على ذلك أنَّهما وغيرَهما قرؤُوا بذلك أعني بتشديدِ الياءِ . وهذا منقولٌ عن مؤرج السدوسي ووجَّهها آخرون : بأنَّ أخِرَه لَمَّا كان يُشْبِهُ آخرَ يَبْرِين وفِلَسْطين أُجْري إعرابُه تارةً على النونِ ، وتارةً بالحرفِ كما قالوا : هذه يَبْرِينُ وفِلَسْطينُ ويبرونَ وفلسطونَ . وقد تقدَّم القولُ في ذلك في البقرة .
والهاء في " به " تعود على القرآن .
وجاءت هذه الجمل الثلاث منفيةً على أحسنِ ترتيبٍ نفى أولاً تنزيلَ الشياطين به ؛ لأنَّ النفيَ في الغالبِ يكونُ في الممكنِ ، وإنْ كان الإِمكانُ هنا منتفياً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.