التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمۡ خَيۡرُ ٱلۡبَرِيَّةِ} (7)

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ( 6 ) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ( 7 ) جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ( 8 ) } .

الآيات معقبة على الآيات السابقة كما هو المتبادر . وقد تضمنت تنديدا لاذعا بالذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ، وتنويها وبشرى عظيمة للذين آمنوا ، ووصفا لهم بأنهم خير خلق الله ، وصف الأولين بأنهم شر خلق الله . وتنبيها بأن ما احتوته الآيات هو لتذكير يخافون الله ويحسبون حسابه . ووصف الأولين مستمد من موقفهم الجحود الذي كشفوا به عن سوء نيتهم وخبث طويتهم ؛ لأنهم جحدوا بما جاءهم وكانوا يتمنونه .

وفي الآية الأولى دليل آخر جديد على أن الذين يكفرون برسالة النبي محمد من أهل الكتاب لا ينجيهم يوم القيامة لكونهم مؤمنين بكتبهم ورسالات أنبيائهم ، حتى ولو لم يكونوا منحرفين ومحرفين ، وهو ما نبهنا عليه في مناسبات سابقة .

وهناك حديث رواه مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به ، إلا كان من أصحاب النار " {[2484]} مما فيه مصداق لهذا من وجهة النظر الإسلامية .

تعليق على روايات الشيعة في صدد الآية

{ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية }

ورغم أن نص الآيات صريح بأن الآية ( 7 ) قد جاءت مقابلة للآية ( 6 ) لتكون شاملة لجميع الذين آمنوا وعملوا الصالحات مقابل الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ، فإن مفسري الشيعة لم يمنعوا أنفسهم من رواية روايتين في صدد الآية السابقة متسقتين مع هواهم لم يردا في كتاب من كتب الأحاديث الصحيحة . ونعتقد أنهما منحولتان : أولاهما عن ابن عباس جاء فيها ( أن جملة { هم خير البرية } نزلت في علي ابن أبي طالب وأهل بيته ) ، وثانيتهما عن يزيد بن شراحيل الأنصاري كاتب علي بن أبي طالب مرفوعة جاء فيها ( سمعت عليا يقول : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا مسنده إلى صدري فقال : يا علي ألم تسمع قول الله تعالى { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية } هم شيعتك ، وموعدي وموعدكم الحوض ، إذا اجتمعت الأمم للحساب يدعون غرا محجلين ) {[2485]} ومما يبرز الهوى الحزبي قويا تعبير ( شيعتك ) إذ لم يكن لعلي في زمن النبي ما يصح أن يدعى شيعته .


[2484]:التاج ج 1 ص 30

[2485]:انظر تفسير الآيات للطبرسي