الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمۡ خَيۡرُ ٱلۡبَرِيَّةِ} (7)

ثم قال : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات }( {[76972]} ) .

[ أي ]( {[76973]} ) : آمنوا بالله ورسوله من أهل الكتاب وغيرهم وعملوا ( الأعمال )( {[76974]} ) . الصالحات مخلصين الله حنفاء ، أولئك خير من خلق الله .

قال أنس : سمعت رجلا قال للنبيy : يا خير البرية( {[76975]} ) ، فقال النبيy : ذلك إبراهيمy( {[76976]} ) . وقد تعلق من فضل( {[76977]} ) بني آدم على الملائكة( {[76978]} ) { خير البرية } ، وغلط في ذلك ، إنما معناه : خير البرية ممن برأ الله في الأرض من الجن والإنس ، فالملائكة غير داخلين في ذلك ، دليله قوله تعالى حكاية عن إبليس إذا قال لآدم وحواء : { ما نهيكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين }( {[76979]} ) : أتراه قال لهما : أن تكونا [ دون ]( {[76980]} ) من حالكما ؟ ! فلو كان ذلك ما رغبا في الأكل منها ، وإنما أكلاها طمعا أن يكونا أشرف من حالهما فيكونا ملكين .

وقد قال( {[76981]} ) الله تعلى لنبيه محمدy : { قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك }( {[76982]} ) .

أتراه أمره أن ينفي عن نفسه منزلة جليلة ، أو منزلة دون منزلته ؟   ! بل ما [ نفى ]( {[76983]} ) عن نفسه إلا منزلة رفيعة .

وكذلك قال نوح لقومه : { ولا أقول لكم( {[76984]} ) إني ملك }( {[76985]} ) ، وهو كثير في القرآن ظاهر في فضل الملائكة على بني آدم .

وقال( {[76986]} ) ( في قصة عيسى : { ولا الملائكة المقربونٌ }( {[76987]} ) ، فإنما ذكر الله أنه لا يستنكف عنه )( {[76988]} ) أن يكون( {[76989]} ) عبدا له المسيح ولا من هو أشرف منزلة منه وهو( {[76990]} ) الملائكة المقربون .

وأيضا فإن الملائكة صنف من خلق الله ، وبنو آدم صنف ، فلا يقع التفاضل بين صنفين مختلفين ، وإنما يقع التفاضل بين بعض الصنف وبعض .

[ ولعمري ]( {[76991]} ) ، إن هذه المسألة من المسائل التي يكره للعلماء( {[76992]} ) الكلام ( فيها )( {[76993]} ) ، ولولا ما كثير الكلام فيها ما ذكرتها ، ولكان السكوت عنها أحسن من الكلام ، لأن الله لم يتعبدنا بذلك ، أسأل الله التوفيق والعفو عن [ الزلل ]( {[76994]} ) بمنه وفضله .


[76972]:زيادة من م، ث.
[76973]:ساقط من م.
[76974]:ساقط من أ.
[76975]:أ: البرية.
[76976]:أخرجه النحاس في إعرابه 5/274 وفيه: قال رجل لرسول اللهy. وذكره ابن عطية في المحرر 16/2345-346.
[76977]:أ: فظل.
[76978]:عزاه ابن كثير في تفسيره 4/574 إلى أبي هريرة وطائفة من العلماء لم يسمهم، والذي في تفسير القرطبي 20/145 عن أبي هريرة أنه قال: "المؤمن أكرم على الله عز وجل من بعض الملائكة الذين عنهد".
[76979]:الأعراف: 19.
[76980]:م: دور.
[76981]:أ: وقال. وقد كتب الناسخ في هامشها: انظر: فضل الملائكة على بني آدم.
[76982]:الأنعام: 51.
[76984]:ساقط من ث.
[76985]:الأنعام: 51.
[76986]:أ: كان.
[76987]:النساء: 171.
[76988]:ما بين قوسين (في قصة-عن)، ساقط من أ.
[76989]:ث: لا يستنكف أن يكون.
[76990]:ث: وهي.
[76991]:م: ولعمر في.
[76992]:ث: العلماء.
[76993]:ساقط من ث.
[76994]:م: الزلال.