التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{وَٱلۡعَٰدِيَٰتِ ضَبۡحٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة العاديات

تتضمن السورة تنديدا بجحود الإنسان ، واستغراقه في حب المال ، وتذكيرا بالآخرة ، وإحاطة الله بأعمال الناس . وأسلوبها عرض عام للدعوة كسابقتها . وقد روي{[1]} أنها مدنية ، والجمهور على أنها مكية ، وأسلوبها وتبكير نزولها مما يؤيد مكيتها .

تعليق على رواية مدنية السورة

ولقد روى الطبرسي المفسر الشيعي أن السورة مدنية . وروى مناسبتين لنزولها : واحدة عن مقاتل جاء فيها : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى حي من كنانة ، عليهم المنذر بن عمرو الأنصاري ، فتأخر رجوعهم ، فقال المنافقون : إنهم قتلوا جميعهم ، فأخبر الله تعالى بما كان من غارتهم ونصرهم . وثانية عن الإمام أبي عبد الله جاء فيها : أنها نزلت في مناسبة بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طالب إلى ذات السلاسل ونصره ، بعد أن أرسل مرارا غيره فعادوا بدون نصر . وأنها لما نزلت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الغداة فصلى بالناس وقرأ السورة ، وقال : إن عليا ظفر بأعدائه ، وبشرني جبريل بذلك هذه الليلة في هذه السورة . وجمهور المفسرين على أنها مكية مبكرة في النزول ، وأسلوبها وفحواها يؤيدان ذلك بكل قوة . ونخشى أن يكون للهوى الشيعي أثر في رواية مدنيتها ، فإن الرواة الشيعيين دأبوا يروون روايات كثيرة في مناسبات آيات كثيرة لتأييد هواهم ، بقطع النظر عن ما في الروايات من مآخذ على ما سوف ننبه عليه في مناسباته .

( 1 ) العاديات : من العدو وهو الجري السريع ، والمقصود بالعاديات الخيل أو الإبل على اختلاف الأقوال ، والأول أوجه ومتسق مع الآيات الأخرى .

( 2 ) الضبح : هو صوت نفس الخيل حينما تركض وتتعب ، وقيل : إنه نوع من السير .

1


[1]:التاج جـ 5 ص 382.