معاني القرآن للفراء - الفراء  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَوٰٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (278)

وقوله : { وَذَرُواْ ما بَقِيَ مِنَ الرِّبَا . . . }

يقول القائل : ما هذا الربا الذي له بقيَّة ، فإن البقيَّة لا تكون إلاَّ من شيء قد مضى ؟ وذلك أن ثَقِيفا كانت تُرْبِي على قوم من قريش ، فصولحوا على أن يكون ما لَهُمْ على قريش من الربا لا يُحَطّ ، وما على ثَقيف من الربا موضوع عنهم . فلما حلَّ الأجل على قريش ، وطُلب منهم الحقُّ نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ ما بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } فهذه تفسير البقيَّة . وأُمِروا بأخذ رءوس الأموال فلم يجدوها متيسّرة ، فأبوا أن يحطُّوا الربا ويؤخّروا رءوس الأموال ، فأنزل الله تبارك وتعالى : { وَإنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلىَ مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَّدّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } . { وإن كان ذو عُسْرة } من قريش { فنظرة } يا ثقيف ( إلى ميسرة ) وكانوا محتاجين ، فقال - تبارك وتعالى - : { وأن تصدّقوا } برءوس الأموال { خير لكم } .