النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَوٰٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (278)

قوله عز وجل : { يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ } يحتمل وجهين :

أحدهما : يا أيها الذين أمنوا بألسنتهم اتقوا الله بقلوبكم .

والثاني : يا أيها الذين أمنوا بقلوبهم اتقوا الله في أفعالكم .

{ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا } فيمن نزلت هذه الآية قولان :

أحدهما : أنها نزلت في ثقيف وكان بينهم وبين عامر وبني مخزوم ، [ ربا ] فتحاكموا فيه إلى عتاب بن أسيد بمكة وكان قاضياً عليها من قِبَل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : دخلنا في الإسلام على أن [ ما كان لنا ] من الربا فهو باق ، وما كان علينا فهو موضوع ، فنزل ذلك فيهم وكتب به رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم .

والثاني{[464]} أنها نزلت في بقية من الربا كانت للعباس ومسعود وعبد ياليل وحبيب بن ربيعة عند بني المغيرة .

قوله عز وجل : { وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا } محمول على أن مَنْ أربى قبل إسلامه ، وقبض بعضه في كُفْرِه وأسلم وقد بقي بعضه ، فما قبضه قبل إسلامه معفو عنه لا يجب عليه رد ، وما بقي منه بعد إسلامه ، حرام عليه لا يجوز له أخذه ، فأما المراباة بعد الإسلام فيجب رَدُّه فيما قبض وبقي ، فيرد ما قبض ويسقط ما بقي ، بخلاف المقبوض في الكفر ، لأن الإسلام يجبُّ ما قبله .

وفي قوله تعالى : { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } قولان :

أحدهما : يعني أن من كان مؤمنا فهذا حكمه .

والثاني : معناه إذا كنتم مؤمنين .


[464]:- سقط من ق.