تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَوٰٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (278)

الآية 278 وقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين } ؛ قيل فيه بوجهين : قيل : قوله{[3418]} : { وذروا ما بقي من } عمركم { الربا } إذا صرتم { مؤمنين } ، وقيل : { وذروا ما بقي من الربا } الذي [ لم ]{[3419]} تقبضوا { عن كنتم مؤمنين } .

وفي الآية دلالة على أنا الربا الذي لم يقبض ، إذا ورد عليه حرمه القبض أفسدته ؛ لذلك قال أصحابنا ، رحمهم الله تعالى : إن فوت القبض عن المبيع يوجب فساد العقد كما كان فوت قبض الربا في ذلك العقد أوجب منع قبض الربا ، والذي يدل عليه قوله تعالى : { وإن تيتم فلكم رؤوس أموالكم } [ البقرة : 279 ] فأوجب الفسخ فيه حتى أوجب رد رأس المال .

وفي الآية دليل وجه آخر ، وهو أنه جعل حدوث الحرمة المانعة للقبض يرتفع به العقد في فساد العقد ، فعلى ذلك يجعل حدوث شيء في عقد معقود قبل القبض كالمعقود عليه في [ استجاب حقه ]{[3420]} من الثمن .

وقوله تعالى : { وذروا ما بقي من الربا } وقوله : { وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم } [ الآية : 279 ] فيهما{[3421]} دلالة أن ما جرت بين أهل الإسلام ولأهل الحرب من المداينات والمقايضات ، ثم أسلموا ، ترد ، وما أخذوا قهرا لا يردون ؛ وذلك أن الربا الذي قبضوا لئلا يرد فلم يؤمر برده . فعلى ذلك ما أخذوا قهرا أخذوا لئلا يرد لم يجب رده ، وأما رأس [ المال ]{[3422]} فإنما أخذوا للرد . فعلى ذلك ما أخذ بعضهم من بعض دينا أو قرضا يجب رده ؛ ففيه دليل لقول أصحابنا ، رحمهم الله تعالى : على ما ذكرنا ، والله أعلم .


[3418]:ساقطة من ط ع.
[3419]:ساقطة من النسخ الثلاث.
[3420]:من ط ع، في الأصل وم: استجار حصته.
[3421]:في النسخ الثلاث: فيه.
[3422]:من ط عوم، ساقطة من الأصل.