معاني القرآن للفراء - الفراء  
{إِلَّا مَنۡ هُوَ صَالِ ٱلۡجَحِيمِ} (163)

وقوله : { إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ } : إلاّ مَن قُدّر له أن يَصْلَى الجحِيم في السَّابق من علم الله . وقرأ الحَسن ( إلاَّ مَنْ هو صَالُ الجحيم ) رفَعَ اللام فيما ذكروا فإن كان أراد واحداً فليسَ بجَائز لأنك لا تقول : هَذا قاضٌ ولا رامٌ . وإن يكن عَرَف فيها لغة مقلوبةً مثل عاثَ وعثا فهو صَوَاب . قد قالت العرب . جُرُفٌ هارٌ وهارٍ وهو شاكُ السّلاح ا وشاكِى السّلاح وأنشدني بعضهم :

فلو أَنَّى رميتك من بَعيد *** لعَاقكَ عن دعاء الذئبِ عَاقِي

يريد : عائق . فهذا مما قُلِب . ومنه { ولاَ تَعْثوا } ولا تعِيثوا لغتان . وقد يكون أن تجعَل { صَالو } جمعاً ؛ كما تقول : من الرجال مَنْ هو إخوتك ، تذهب بهو إلى الاسم المجهول ، وتُخرج فعله على الجمع ؛ كما قال الشاعر :

إذا ما حاتم وُجد ابن عمّى *** مَجَدنا مَن تكلّم أجمعينا

ولم يقل تكلّمُوا . وأجود ذلك في العربيَّة إذا أَخْرَجت الكناية أَن تخرجها على المعْنى والعدد ؛ لأنك تنوى تحقيق الاسم .