فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِلَّا مَنۡ هُوَ صَالِ ٱلۡجَحِيمِ} (163)

{ إِلا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ } : أي إلا من سبق له في علم الله الشقاوة وأنه سيدخل النار ، والاستثناء مفزع قاله السمين . وهذا من حيث اللفظ ، وأما من حيث المعنى فهو استثناء من المفعول المقدر ، وقال ابن عباس : في الآية إنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني الآلهة ما أنتم عليه بمضلين إلا من سبق في علمه أنه سيصلى الجحيم ، وعنه قال : يقول إنكم لا تضلون أنتم ولا أضل منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم وعنه قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم ، قرأ الجمهور : صال بكسر اللام لأنه منقوص مضاف حذفت الياء لالتقاء الساكنين وحمل على لفظ من فأفرد كما أفرد هو .

وقرأ الحسن وابن أبي عبلة : بضم اللام مع واو بعدها ، وروي عنهما أنهما قرآ : بضم اللام بدون الواو ، فأما مع الواو فعلى أنه جمع سلامة بالواو حملا على معنى من ، وحذفت نون الجمع للإضافة ، وأما بدون الواو فيحتمل أن يكون مفردا وحقه على هذا كسر اللام .

قال النحاس وجماعة أهل التفسير يقولون : إنه لحن لأنه لا يجوز هذا قاضي المدينة ، والمعنى أن الكفار وما يعبدونه لا يقدرون على إضلال أحد من عباد الله إلا من هو من أهل النار وهم المصرون وإنما يصر على الكفر من سبق القضاء عليه بالشقاوة ، وأنه ممن يصلى النار أي يدخلها . ثم قال الملائكة مخبرين للنبي صلى الله عليه وسلم كما حكاه الله سبحانه عنهم .