وقوله : { إِما أَن تُلْقِيَ وَإِما أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ }
أدخل ( أن ) في ( إما ) لأنها في موضع أمر بالاختيار . فهي في موضع نصب في قول القائل : اختر ذا أو ذا ؛ ألا ترى أن الأمر بالاختيار قد صلح في موضع إما .
فإن قلت : إن ( أو ) في المعنى بمنزلة ( إما وإما ) فهل يجوز أن يقول يا زيد أن تقوم أو تقعد ؟ قلت : لا يجوز ذلك ؛ لأن أول الاسمين في ( أو ) يكو خبرا يجوز السكوت عليه ، ثم تستدرِك الشكّ في الاسم الآخِر ، فتُمضى الكلام على الخبر ؛ ألا ترى أنك تقول : قام أخوك ، وتسكت ، وإن بدا لك قلت : أو أبوك ، فأدخلت الشكّ ، والاسم الأول مكتفٍ يصلح السكوت عليه . وليس يجوز أن تقول : ضربت إما عبد الله وتسكت . فلما آذنت ( إما ) بالتخيير من أول الكلام أحدثْتَ لها أن . ولو وقعت إما وإما مع فعلين قد وُصِلا باسم معرفة أو نكرة ولم يصلح الأمر بالتمييز في موقع إما لم يحدث فيها أن ؛ كقول الله تبارك وتعالى : { وآخَرُون مُرْجَون لأَمْرِ الله إما يعذِّبُهم وإما يَتُوب عَلَيْهِمْ } ألا ترى أن الأمر لا يصلح ها هنا ، فلذلك لم يكُنْ فيه أن . ولو جعلت ( أن ) في مذهب ( كي ) وصيَّرتها صلة ل ( مرجون ) يريد أُرجئوا أن يعذبوا أو يتاب عليهم ، صلح ذلك في كل فعل تامّ ، ولا يصلح في كان وأخواتها ولا في ظننت وأخواتها . من ذلك أن تقول آتيك إما أن تعطى وإما أن تمنع . وخطأ أن تقول : أظنك إما أن تعطى وإما أن تمنع ، ولا أصبحت إما أن تعطى وإما أن تمنع . ولا تُدخلنَّ ( أو ) على ( إما ) ولا ( إما ) على ( أو ) . وربما فعلت العرب ذلك لتآخيهما في المعنى على التوهّم ؛ فيقولون : عبد الله إما جالس أو ناهض ، ويقولون : عبد الله يقوم وإما يقعد . وفي قراءة أبَىّ : ( وإنا وإيَّاكم لإما على هدى أو في ضلال ) فوضع أو في موضع إما . وقال الشاعر :
فقلت لهن امشين إِما نلاقِه *** كما قال أو نشف النفوس فنعذرا
فكيف بنفس كلما قلت أشرفت *** على البرء من دهماء هِيض اندمالها
تُهاض بدارٍ قد تقادم عهدُها *** وإما بأمواتٍ ألمَّ خيالها
فوضع ( وإما ) في موضع ( أو ) . وهو على التوهم إذا طالت الكلمة بعض الطول أو فرقت بينهما بشيء هنالك يجوز التوهم ؛ كما تقول : أنت ضاربُ زيدٍ ظالما وأخاه ؛ حين فرقت بينهما ب ( ظالم ) جاز نصب الأخ وما قبله مخفوض . ومثله { يا ذَا القَرْنَيْنِ إِما أَنْ تُعَذِّبَ وإِما أَنْ تَتَّخِذَ فِيهم حُسْنا } وكذلك قوله { إِما أنْ تُلْقِىَ وإِما أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.