معاني القرآن للفراء - الفراء  
{لَآ أُقۡسِمُ بِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ} (1)

بسم الله الرحمن الرحيم .

قال أبو عبد الله : سمعت الفراء يقول : وقوله : { لاَ أُقْسِمُ } كان كثير من النحويين يقولون : ( لا ) صلة قال الفراء : ولا يبتدئ بجحد ، ثم يجعل صلة يراد به الطرح ؛ لأن هذا الوجاز لم يعرف خبر فيه جحد من خبر لا جحد فيه . ولكن القرآن جاء بالرد على الذين أنكروا : البعث ، والجنة ، والنار ، فجاء الإقسام بالرد عليهم في كثير من الكلام المبتدأ منه ، وغير المبتدأ : كقولك في الكلام : لا والله لا أفعل ذاك ؛ جعلوا ( لا ) وإن رأيتها مبتدأة ردًّا لكلامٍ قد كان مضى ، فلو ألقيت ( لا ) مما ينوى به الجواب لم يكن بين اليمين التي تكون جوابا ، واليمين التي تستأنف فرق . ألا ترى أنك تقول مبتدئا : والله إن الرسول لحق ، فإذا قلت : لا والله إن الرسول لحق ، فكأنك أكذبت قوما أنكروه ، فهذه جهة ( لا ) مع الإقسام ، وجميع الأَيْمان في كل موضع ترى فيه ( لا ) مبتدأ بها ، وهو كثير في الكلام .

وكان بعض من لم يعرف هذه الجهة فيما ترى [ 115/ا ] يقرأ «لأقسم بيوم القيامة » ذكر عن الحسن يجعلها ( لاما ) دخلت على أقسم ، وهو صواب ؛ لأن العرب تقول : لأحلف بالله ليكونن كذا وكذا ، يجعلونه ( لاما ) بغير معنى ( لا ) .