معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَإِذَا ٱلۡمَوۡءُۥدَةُ سُئِلَتۡ} (8)

[ حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد قال ] حدثنا الفراء قال : حدثني حِبَّان عن الكلبي عن أبي صالح عن أبيه عن ابن عباس ، وحدثني علي بن غراب عن ابن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس أنه قرأ : { وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأي ذَنبٍ قُتِلَتْ } وقال : هي التي تسأل ولا تسأل .

وقد يجوز أن يَقرأ : { بِأي ذَنبٍ قُتِلَتْ } ، والمعنى : بأي ذنب قُتِلْتُ . كما تقول في الكلام : عبد الله بأي ذنب ضرِبَ ، وبأي ذنب ضُرِبْتُ . وقد مرّ له نظائر من الحكاية ، من ذلك [ 128/ب ] قول عنترة :

الشاتِمي عِرضي ولم أشتمها *** والناذرين إذا لقيتهما دمي

والمعنى : أنهما كانا يقولان : إذا لقينا عنترة لنقتلنه . فجرى الكلام في شعره على هذا المعنى واللفظ مختلف ، وكذلك قوله

رَجْلان من ضَبة أخبرانا *** إنا رأينا رجلا عريانا

والمعنى : أخبرانا أنهما ، ولكنه جرى على مذهب القول ، كما يقول : قال عبد الله : إنه لذاهب وإني ذاهب ، والذهاب له في الوجهين جميعا .

ومن قرأ : { وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } ففيه وجهان : سئلتْ : فقيل لها : «بِأي ذَنب قُتلتِ » ثم يجوز قُتلتْ . كما جاز في المسألة الأولى ، ويكون سئلت : سئل عنها الذين وأدُوها . كأنك قلت : طلبتْ منهم ، فقيل : أين أولادُكم ؟ وبأي ذنب قتلتموهم ؟ وكل الوجوه حسنٌ بيّنٌ إِلاَّ أن الأكثر ( سُئلتْ ) فهو أحبُّها إليّ .