السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِذَا ٱلۡمَوۡءُۥدَةُ سُئِلَتۡ} (8)

{ وإذا الموءودة } أي : الجارية المدفونة حية . كان الرجل في الجاهلية إذ ولد له بنت ، فأراد أن يستحييها ألبسها جبة من صوف أو شعر ترعى له الإبل والغنم في البادية ، وإن أراد قتلها تركها حتى إذا كانت سداسية فيقول لأمّها : طيبيها وزينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها ، وقد حفر لها بئراً في الصحراء فيذهب بها إلى البئر ، فيقول لها : انظري فيها ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها التراب حتى تستوي بالأرض .

وقال ابن عباس : كانت الحامل إذا قربت ولادتها حفرت حفرة فتمخضت على رأس الحفرة ، فإذا ولدت بنتاً رمت بها في الحفرة ، وإذا ولدت ولداً حبسته . وكانوا يفعلون ذلك لخوف لحوق العار بهم من أجلهنّ ، أو الخوف من الإملاق ، كما قال تعالى : { ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق } [ الأنعام : 151 ] وكانوا يقولون : إنّ الملائكة بنات الله فألحقوا البنات به فهو أحق بهنّ ، وكان صعصعة بن ناجية ممن منع الوأد وفيه افتخر الفرزدق في قوله :

ومنا الذي منع الوائدات *** وأحيا الوئيد فلم توأد