قوله : { الْمَوْءُودَةُ } : هي البنتُ تْدْفَنُ حيةً مِنْ الوَأْدِ ، وهو الثِّقَلُ ؛ لأنَّها تُثْقَلُ بالترابِ والجَنْدَل . يقال : وَأَدَه يَئِدُهُ كوَعَدَه يَعِدُه . وقال الزمخشري : " وَأَدَ يَئِدُ ، مقلوبٌ مِنْ آد يَؤُوْد إذا أَثْقَلَ . قال اللَّهُ تعالى : { وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا } [ البقرة : 255 ] لأنه إثْقالٌ بالتراب " . قال الشيخ : " ولا يُدَّعى ذلك ؛ لأنَّ كلاً منهما كاملُ التصرُّفِ في الماضي والأمرِ والمضارعِ والمصدرِ واسمِ الفاعلِ واسمِ المفعولِ ، وليس فيه شيءٌ مِنْ مُسَوِّغات ادِّعاءِ القَلْبِ . والذي يُعْلَمُ به الأصالةُ مِنْ القَلْب : أَنْ يكونَ أحدُ النَّظْمَيْن فيه حُكْمٌ يَشْهَدُ له بالأصالةِ ، والآخرُ ليس كذلك أو كونُه مجرداً من حروف الزيادة والآخر فيه مزيداً ، وكونُه أكثرَ تصرفاً والآخر ليس كذلك ، أو أكثرَ استعمالاً من الآخرِ ، وهذا على ما قُرِّرَ وأُحْكِمَ في علمِ التصريفِ . فالأول : كيَئِس وأيِسَ . والثاني : كَطَأْمَنْ واطمأنَّ . والثالث : كشوايع وشواعِي . والرابع : كلَعَمْري ورَعَمْلي " .
وقرأ العامَّةُ : " المَوْءُوْدَة " بهمزةٍ بينَ واوَيْن ساكنتَيْن كالمَوْعودة . وقرأ البزيُّ في روايةٍ بهمزةٍ مضمومةٍ ثم واوٍ ساكنةٍ . وفيها وجهان ، أحدُهما : أَنْ تكونَ كقراءةِ الجماعة ثم نَقَلَ حركةَ الهمزةِ إلى الواوِ قبلها ، وحُذِفَتِ الهمزةُ ، فصار اللفظُ المَوُوْدَة : واوٌ مضومةٌ ثم أخرى ساكنةٌ ، فقُلبت الواوُ المضمومةُ همزةً نحو : " أُجوه " في وُجوه ، فصار اللفظُ كما ترى ، ووزنُها الآن المَفُوْلة ؛ لأنَّ المحذوفَ عينُ الكلمةِ . والثاني : أَنْ تكونَ الكلمةُ اسمَ مفعولٍ مِنْ آدَه يَؤُوده مثلَ : قاده يَقُوده . والأصلُ : مأْوُودة ، مثلَ مَقْوُوْدة ، ثم حَذَفَ إحدى الواوين على الخلافِ المشهورِ في الحَذْفِ مِنْ نحوِ : مَقُوْل ومَصُوْن فوزنُها الآن : إمَّا مَفُعْلَة إنْ قلنا : إنَّ المحذوفَ الواوَ الزائدةُ ، وإمَّا مَفُوْلة إنْ قُلْنا : إنَّ المحذوفَ عينُ الكلمةِ ، وهذا يُظْهِرُ فَضْلَ عِلْمِ التصريفِ .
وقُرِىءَ " المَوُوْدة " بضمِّ الواو الأولى على أنه نَقَل حركةَ الهمزةِ بعد حَذْفِها ولمَ يَقْلِبَ الواوَ همزةً . وقرأ الأعمش " المَوْدَة " بزنةِ المَوْزَة . وتوجيهُه : أنه حَذَفَ الهمزةَ اعتباطاً ، فالتقى ساكنان ، فحَذَفَ ثانيهما ، ووزنُها المَفْلَة ؛ لأنَّ الهمزةَ عينُ الكلمةِ ، وقد حُذِفَتْ . وقال مكي : " بل هو تخفيفٌ قياسِيٌّ ؛ وذلك أنَّه لمَّا نَقَل حركةَ الهمزةِ إلى الواوِ لم يَهْمِزْها ، فاستثقلَ الضمَّةَ عليها ، فسَكَّنها ، فالتقى ساكنان فحَذَفَ الثاني ، وهذا كلُّه خروجٌ عن الظاهرِ ، وإنما يظهر في ذلك ما نَقَله القُرَّاء في وقفِ حمزةَ : أنه يقفُ عليها كالمَوْزَة . قالوا : لأجل الخطِّ لأنها رُسِمَتْ كذلك ، والرسمُ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ .
والعامَّةُ على " سُئِلت " مبنياً للمفعولِ مضمومَ السين . والحسنُ بكسرِها مِنْ سال يَسال كما تقدَّم . وقرأ أبو جعفر " قُتِّلَتْ " بتشديد التاءِ على التكثيرِ ؛ لأنَّ المرادَ اسمُ الجنسِ ، فناسبَه التكثيرُ .
وقرأ عليٌّ وابن معسود وابن عباس " سَأَلَتْ " مبنياً للفاعل ، " قُتِلْتُ " بضمِّ التاءِ الأخيرة التي للمتكلم حكايةً لكلامِها . وعن أُبَيّ وابن مسعود أيضاً وابن يعمرَ " سَأَلَتْ " مبنياً للفاعل ، " قُتِلَتْ " بتاءِ التأنيث الساكنةِ كقراءةِ العامة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.