الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلَّيۡلَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِضِيَآءٍۚ أَفَلَا تَسۡمَعُونَ} (71)

قوله : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ } : " أَرَأَيْتُمْ " و " جَعَلَ " تنازعا في " الليلَ " وأعملَ الثاني . ومفعولُ " أَرَأَيْتُم " هي جملةُ الاستفهامِ بعده . والعائدُ منها على " الليل " محذوفٌ ، وتقديرُه : بضياءٍ بعدَه . وجوابُ الشرطِ محذوفٌ . وتحريرُ هذا قد مَضَى في الأنعام فهو نظيرُه .

و " سَرْمَداً " مفعولٌ ثانٍ ، إنْ كان الجَعْلُ تصييراً ، أو حالٌ إن كان خَلْقاً وإنشاءً . والسَّرْمَدُ : الدائمُ الذي لا ينقطعُ . قال طرفة :

لَعَمْرُكَ ما أَمْريْ عليَّ بغُمَّةٍ *** نهاري ولا لَيْلي عَلَيَّ بسَرْمَدِ

والظاهرُ أنَّ ميمَهُ أصليةٌ ، ووزنُه فَعْلَل كجَعْفَر . وقيل : هي زائدةٌ . واشتقاقُه من السَّرْد ، وهو تتابُعُ الشيءِ على الشيءِ ، إلاَّ أنَّ زيادةِ الميمِ وَسَطاً وأخيراً لا يَنْقاسُ نحو : دُلامِص ، وزُرْقُم ، من الدِّلاص والزُّرْقَة .