فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلَّيۡلَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِضِيَآءٍۚ أَفَلَا تَسۡمَعُونَ} (71)

قوله : { قُلْ أَرَءيْتُمْ } أي أخبروني { إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ الليل سَرْمَدا } السرمد : الدائم المستمرّ ، من السرد ، وهو المتابعة فالميم زائدة ، ومنه قول طرفة :

لعمرك ما أمري عليك بغمة *** نهاري ولا ليلي عليك بسرمد

وقيل : إن ميمه أصلية ، ووزنه فعلل لا مفعل ، وهو الظاهر ، بيّن لهم سبحانه أنه مهّد لهم أسباب المعيشة ليقوموا بشكر النعمة ؛ فإنه لو كان الدهر الذي يعيشون فيه ليلاً دائماً إلى يوم القيامة لم يتمكنوا من الحركة فيه ، وطلب ما لا بدّ لهم منه مما يقوم به العيش من المطاعم والمشارب والملابس . ثم امتنّ عليهم فقال : { مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِضِيَاء } أي هل لكم إلاه من الآلهة التي تعبدونها يقدر على أن يرفع هذه الظلمة الدائمة عنكم بضياء ؟ أي بنور تطلبون فيه المعيشة وتبصرون فيه ما تحتاجون إليه ، وتصلح به ثماركم وتنمو عنده زرائعكم وتعيش فيه دوابكم { أَفَلاَ تَسْمَعُونَ } هذا الكلام سماع فهم وقبول ، وتدبر وتفكر .

/خ88