قوله : { مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ } : " ما " موصولةٌ بمعنى الذي ، صلتُها " إنَّ " وما في حَيِّزها ، ولهذا كُسِرَتْ . ونَقَل الأخفش الصغير عن الكوفيين مَنْعَ الوَصْلِ ب " إنَّ " ، وكان يَسْتَقْبح ذلك عنهم . يعني لوجودِه في القرآن .
قوله : { لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ } فيه وجهان ، أحدُهما : أنَّ الباءَ للتعديةِ كالهمزةِ ، ولا قَلْبَ في الكلام . والمعنى : لَتُنِيْءُ المفاتيحُ العُصْبَةَ الأقوياءَ ، كما تقولُ : أَجَأْتُه وجِئْتُ به ، وأَذْهَبْتُه وذَهَبْتُ به . ومعنى ناء بكذا : نَهَضَ بِهِ بثِقَلٍ . قال :
تَنُوْءُ بأُخْراها فَلأْياً قِيامُها *** وَتَمْشِي الهَوَيْنَى عن قَريبٍ فَتَبْهَرُ
وقال أبو زيد : " نُؤْتُ بالعَمَل أي : نَهَضْتُ " . قال :
إذا وَجَدْنا خَلَفاً بِئْسَ الخَلَفْ *** عبداً إذا ما ناء بالحِمْلِ وَقَفْ
وفَسَّره الزمخشريُّ بالإِثْقال . قال : " يُقال : ناء به الحِمْلُ ، حتى أَثْقله وأماله " وعليه يَنْطبقُ المعنى أي : لَتُثْقِلُ المفاتحُ العُصْبةَ .
والثاني : أنَّ في الكلام قَلْباً ، والأصلُ : لَتَنُوْءُ العُصْبةُ بالمفاتحِ ، أي : لَتَنْهَضُ بها . قاله أبو عبيد ، كقولهم : " عَرَضْتُ الناقةَ على الحَوْضِ " . وقد تقدم الكلامُ في القَلْبِ ، وأنَّ فيه ثلاثةَ مذاهبَ .
وقرأ بُدَيْل بن مَيْسَرة " لَيَنُوْءُ " بالياء مِنْ تحتُ والتذكير ؛ لأنه راعى المضافَ المحذوفَ . إذ التقديرُ : حِمْلُها أو ثِقْلُها . وقيل : الضَمير في " مفاتِحَه " لقارون ، فاكتسب المضافُ من المضاف إليه التذكيرَ كقولِهم : " ذهبَتْ أهلُ اليمامةِ " قاله الزمخشري . يعني كما اكتسبَ " أهلُ " التأنيثَ اكتسَبَ هذا التذكيرَ .
قوله : { إِذْ قَالَ } فيه أوجهٌ : أَنْ يكونَ معمولاً لتنوءُ . قاله الزمخشري : أو ل " بَغَى " قاله ابنُ عطية . ورَدَّهما الشيخُ :/ بأنَّ المعنى ليس على التقييد بهذا الوقتِ . أو ل " آتيناه " قاله أبو البقاء . ورَدَّه الشيخ : بأن الإِتياءَ لم يكنْ ذلك الوقتَ ، أو لمحذوفٍ فقدَّره أبو البقاء : بَغَى عليهم . وهذا يَنْبغي أَنْ يُرَدَّ بما رُدَّ به قولُ ابنِ عطية . وقَدَّره الطبري : اذكُرْ ، وقَدَّره الشيخُ : أظهر الفرحَ وهو مناسِبٌ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.