فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلَّيۡلَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِضِيَآءٍۚ أَفَلَا تَسۡمَعُونَ} (71)

{ قل } لأهل مكة { أرأيتم ؟ } أي أخبروني { إن جعل الله عليكم الليل سرمدا } بإسكان الشمس تحت الأرض ، أو بتحريكها حول الأفق الغائر ، والسرمد هو الدائم المستمر ، من السرد ، وهو المتابعة والاطراد ، فالميم زائدة كما في دلامص من الدلاص ، ووزنه فعمل ، وقيل : إن{[1348]} ميمه أصلية ، ووزنه فعلل لا فعمل ، وهو الظاهر ، بين لهم سبحانه أنه مهد لهم أسباب المعيشة ليقوموا بشكر النعمة ، فإنه لو كان الدهر الذي يعيشون فيه ليلا دائما لا نهار معه { إلى يوم القيامة } لم يتمكنوا من الحركة فيه ، وطلب من لا بد لهم منه مما يقوم به العيش من المطاعم ، والمشارب ، والملابس ، ثم امتن عليهم فقال :

{ من إله غير الله يأتيكم ؟ } أي هل لكم من إله بزعمكم من الآلهة التي تعبدونها يقدر على أن يرفع هذه الظلمة الدائمة عنكم { بضياء } أي بنور تطلبون فيه المعيشة ، وتبصرون فيه ما تحتاجون إليه وتصلح ثماركم ، وتنمو عنده زرائعكم ، وتعيش فيه دوابكم والجملة صفة أخرى ل ( إله ) عليها يدور التبكيت والإلزام { أفلا تسمعون ؟ } هذا الكلام سماع فهم ، وقبول ، وتدبر ، وتفكر ، وهذا توبيخ لهم على أبلغ وجه ، ثم لما فرغ الله من الامتنان عليم بوجود النهار ؛ امتن عليهم بوجود الليل فقال :


[1348]:إذا كانت ميمه أصلية فيكون فعله الماضي على وزن مصدره سرمد يسرمد سرمدا.