الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمٍ عِندِيٓۚ أَوَلَمۡ يَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ قَدۡ أَهۡلَكَ مِن قَبۡلِهِۦ مِنَ ٱلۡقُرُونِ مَنۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُ قُوَّةٗ وَأَكۡثَرُ جَمۡعٗاۚ وَلَا يُسۡـَٔلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ} (78)

قوله : { عَلَى عِلْمٍ } : حالٌ مِنْ مرفوع " أُوتِيْتُه " .

قوله : { عِندِي } إمَّا ظرفٌ ل " أُوْتِيْتُه " ، وإمَّا صفةٌ للعلم .

قوله : { مَنْ هُوَ أَشَدُّ } : " مَنْ " موصولةٌ أو نكرةٌ موصوفةٌ . وهو في موضع المفعولِ ب " أَهْلَكَ " . و " مِنْ قبلِه " متعلقٌ به . و " مِنَ القرون " يجوزُ فيه ذلك ، ويجوزُ أَنْ يكونَ حالاً مِنْ " مَنْ هو أشدُّ " .

قوله : { وَلاَ يُسْأَلُ } هذه قراءةُ العامَّةِ على البناء للمفعول ، وبالياءِ مِنْ تحتُ ورَفْعِ الفعلِ . وقرأ أبو جعفر " ولا تُسْأَلْ " بالتاء مِنْ فوقُ والجزم . وابنُ سيرين وأبو العالية كذلك ، إلاَّ أنه مبنيٌّ للفاعل وهو المخاطَبُ . قال ابن أبي إسحاق : " لا يجوزُ ذلك حتى تنصبَ المجرمين " . قال صاحب اللوامح : " هذا هو الظاهرُ ؛ إلاَّ أنه لَمْ يَبْلُغْني فيه شيء . فإنْ تَرَكاه مرفوعاً فيحتمل وجهين ، أحدهما : أَنْ يكونَ ِ " المجرمون " خبرَ مبتدأ محذوفٍ ، أي : هم المجرمون . والثاني : أَنْ يكونَ بدلاً مِنْ أصلِ الهاءِ والميم في " ذُنوبهم " ، لأنهما مرفوعا المحلِّ " يعني أنَّ ذنوباً مصدرٌ مضافٌ لفاعلِه . قال : " فحمل المجرمون على الأصلِ ، كما تقدَّم لنا في قراءةِ { مَثَلاً مَّا بَعُوضَةٍ } [ البقرة : 26 ] بجرِّ بعوضة . وكان قد خَرَّجها على أن الأصلَ : بضَرْب مَثَلِ بعوضةٍ " وهذا تعسُّفٌ كثيرٌ . ولا ينبغي أَنْ يَقْرأ ابنُ سيرين وأبو العالية إلاَّ " المجرمين " بالياءِ فقط ، وإنما تُرِك نَقْلُها لظهورِه .