قوله تعالى : { فَإِذَا جَآءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ } : أتى في جانب الحسنة ب إذا التي للمحقق . وعُرِّفَتِ الحسنة لسَعة رحمة الله تعالى ، ولأنها أمر محبوب ، كلُّ أحدٍ يتمناه ، وأتى في جانب السيئة ب " إنْ " التي للمشكوك فيه ، ونُكِّرتِ السيئة لأنه أمرٌ كلُّ أحدٍ يَحْذره . وقد أوضح الزمخشري ذلك فقال : " فإن قلتَ : كيف قيل { فَإِذَا جَآءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ } ب " إذا " وتعريف الحسنة ، و { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } ب " إن " وتنكير السيئة ؟ قلت : لأنَّ جنسَ وقوعِه كالواجب واتساعه ، وأمَّا السيئة فلا تقع إلا في الندرة ولا يقع إلا شيء منها " . انتهى . وهذا من محاسن علم البيان .
قوله : { يَطَّيَّرُواْ } الأصلُ : يتطيَّروا فَأُدْغمت التاء في الطاء لمقاربتها لها . وقرأ عيسى بن عمر وطلحة بن مصرف : " تطيَّروا " بتاءٍ من فوق على أنه فعلٌ ماضٍ وهو عند سيبويه وأتباعه ضرورة ، إذ لا يقع فعل الشرط مضارعاً والجزاء ماضياً إلا ضرورةً كقوله :
مَنْ يَكِدْني بِسَيِّءٍ كنتُ منه *** كالشَّجا بين حَلْقِه والوريد
وإن يَرَوا سُبَّة طاروا بها فَرَحاً *** مني وما سمعوا مِنْ صالحٍ دَفَنُوا وقد تقدَّم الخلاف في ذلك فأغنى عن إعادته .
والتطيُّر : التشاؤم وأصله أن يُفَرَّق المالُ ويطير بين القوم ، فيطير لكل أحدٍ حظُّه وما يخصُّه ، ثم أُطْلق على الحظ والنصيب السَّيِّئ بالغلبة ، وأنشدوا للبيد :
تطير عَدائِدُ الأشراكِ شَفْعاً *** ووِتْراً والزَّعامةُ للغلام
الأَشْراك : جمعُ شِرْك وهو النصيب ، أي : طار المال المقسوم شَفْعاً للذَّكر ووِتْراً للأنثى . والزَّعامة : أي : الرئاسة للذكر ، فهذا معناه تفرَّق ، وصار لكل أحد نصيبُه ، وليس من الشؤم في شيءٍ ، ثم غَلَبَ على ما ذكرت لك . ومعنى { طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ } أي : حظهم وما طار لهم في القضاء والقدر ، أو شؤمهم ، أي : سبب شؤمِهم عند الله وهو ما يُنْزِلُه بهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.