الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَالَ يَٰمُوسَىٰٓ إِنِّي ٱصۡطَفَيۡتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَٰلَٰتِي وَبِكَلَٰمِي فَخُذۡ مَآ ءَاتَيۡتُكَ وَكُن مِّنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (144)

قوله تعالى : { بِرِسَالاَتِي } : أي : بسبب . وقرأ الحرميَّان : برسالتي بالإِفراد ، والمراد به المصدر أي : بإرسالي إياك ، ويجوز أن يكون على حَذْفِ مضاف ، أي : بتبليغِ رسالتي . والرسالة : نفسُ الشيء المرسل به إلى الغير . وقرأ الباقون بالجمع اعتباراً بالأنواع ، وقد تقدَّم ذلك في المائدة والأنعام . وقرأ العامة " وبكلامي " وهو محتملٌ أن يُراد به المصدرُ ، أي : بتكليمي إياك ، فيكون كقوله { وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً } [ النساء : 164 ] وقوله :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . *** فإنَّ كلامَها شفاءٌ لِما بيا

أي : بتكليمي إياها ، ويحتمل أن يكونَ المرادُ به التوراة وما أوحاه إليه من قولهم للقرآن " كلام الله " تسميةً للشيء بالمصدر . وقَدَّم الرسالة على الكلام لأنها أسبقُ أو ليترقَّى إلى الأشرفِ . وكرر حرف الجرِّ تنبيهاً على مغايرة الاصطفاء . وقرأ الأعمش : " برسالاتي وبكَلِمِي " جمع كلمة ، ورَوَى عنه المهدوي أيضاً " وتكليمي " على زنة التفعيل ، وهي تؤيد أن الكلامَ مصدرٌ . وقرأ أبو رجاء " برسالتي " بالإِفراد و " بكَلِمي " بالجمع ، أي : وبسماع كلمي .