البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٖۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ أَكۡثَرَ شَيۡءٖ جَدَلٗا} (54)

تقدّم تفسير نظير صدر هذه الآية : و { شيء } هنا مفرد معناه الجمع أي أكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدال إن فصلتها واحداً بعد واحد .

{ جدلاً } خصومة ومماراة يعني إن جدل الإنسان أكثر من جدل كل شيء ونحوه ، فإذا هو خصيم مبين .

وانتصب { جدلاً } على التمييز .

قيل : { الإنسان } هنا النضر بن الحارث .

وقيل : ابن الزبعري .

وقيل : أبيّ بن خلف ، وكان جداله في البعث حين أتى بعظم فذره ، فقال : أيقدر الله على إعادة هذا ؟ قاله ابن السائب .

قيل : كل من يعقل من ملك وجنّ يجادل و { الإنسان أكثر } هذه الأشياء { جدلاً } انتهى .

وكثيراً ما يُذكر الإنسان في معرض الذمّ وقد تلا الرسول صلى الله عليه وسلم قوله : { وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً } حين عاتب علياً كرم الله وجهه على النوم عن صلاة الليل ، فقال له عليّ : إنما نفسي بيد الله ، فاستعمل { الإنسان } على العموم .