البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ كَمۡ أَنۢبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوۡجٖ كَرِيمٍ} (7)

ولما كان إعراضهم عن النظر في صانع الوجود ، وتكذيب ما جاءتهم به رسله من أعظم الكفر ، وكانوا يجعلون الأصنام آلهة ، نبه تعالى على قدرته ، وأنه الخالق المنشيء الذي يستحق العبادة بقوله : { أو لم يروا إلى الأرض } ؟ والزوج : النوع .

وقيل : الشيء وشكله .

وقيل : أبيض وأسود وأحمر وأصفر وحلو وحامض .

وقال الفراء : الزوج : اللون .

والكريم : الحسن ، قاله مجاهد وقتادة .

وقيل : ما يأكله الناس والبهائم .

وقيل : الكثير المنفعة .

وقيل : الكريم صفة لكل ما يرضى ويحمد .

وجه كريم : مرضي في حسنه وجماله ؛ وكتاب كريم : مرضي في معانيه وفوائده .

وقال : حتى يشق الصفوف من كرمه ، أي من كونه مرضياً في شجاعته وبأسه ، ويراد الأشياء التي بها قوام الأمور ، والأغذية والنباتات ، ويدخل في ذلك الحيوان لأنه عن اثنين .

قال تعالى : { والله أنبتكم من الأرض نباتاً } قال الشعبي : الناس من نبات الأرض ، فمن صار إلى الجنة فهو كريم ، ومن صار إلى النار فبضد ذلك .

قال الزمخشري : فإن قلت : ما معنى الجمع بين كم وكل ؟ ولو قيل : { أنبتنا فيها من كل زوج كريم } قلت : دل كل على الإحاطة بأزواج النبات على سبيل التفصيل ، وكم على أن هذا المحيط متكاثر مفرط الكثرة ؟ فهذا معنى الجمع ، وبه نبه على كمال قدرته . انتهى .