البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمَا مِنۡ غَآئِبَةٖ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٍ} (75)

والظاهر عموم قوله : { من غائبة } ، أي ما من شيء في غاية الغيبوبة والخفاء إلا في كتاب عند الله ومكنون علمه .

وقيل : ما غاب عنهم من عذاب السماء والأرض .

وقيل : هو يوم القيامة وأهوالها ، قاله الحسن .

والكتاب : اللوح المحفوظ .

وقيل : أعمال العباد أثبتت ليجازى عليها .

وقال صاحب الغنيان : أي حادثة غائبة ، أو نازلة واقعة .

وقال ابن عباس : أي ما من شيء سرّ في السموات والأرض وعلانية ، فاكتفى بذكر السر عن مقابلة .

وقال الزمخشري : سمي الشيء الذي يغيب ويخفى غائبة وخافية ، فكانت التاء فيهما بمنزلتها في العاقبة والعافية ، ونظيرهما : النطيحة والذبيحة والرمية في أنها أسماء غير صفات ، ويجوز أن يكونا صفتين وتاؤهما للمبالغة ، كالرواية في قولهم : ويل للشاعر من رواية السوء ، كأنه قال : وما من شيء شديد الغيبوبة والخفاء ، إلا وقد علمه الله وأحاط به وأثبته في اللوح المبين الظاهر لمن ينظر فيه من الملائكة .

انتهى .