البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي تَسۡتَعۡجِلُونَ} (72)

قيل له : قل عسى أن يكون ردفكم بعضه : أي تبعكم عن قرب وصار كالرديف التابع لكم بعض ما استعجلتم به ، وهو كان عذاب يوم بدر .

وقيل : عذاب القبر .

وقرأ الجمهور : ردف ، بكسر الدال .

وقرأ ابن هرمز : بفتحها ، وهما لغتان ، وأصله التعدي بمعنى تبع ولحق ، فاحتمل أن يكون مضمناً معنى اللازم ، ولذلك فسره ابن عباس وغيره بأزف وقرب لما كان يجيء بعد الشيء قريباً منه ضمن معناه ، أو مزيداً اللام في مفعوله لتأكيد وصول الفعل إليه ، كما زيدت الباء في : { ولا تلقوا بأيديكم } قاله الزمخشري ، وقد عدى بمن على سبيل التضمين لما يتعدى بها ، وقال الشاعر :

فلما ردَفنا من عمير وصحبه *** تولوا سراعاً والمنية تعنق

أي دنوا من عمير .

وقيل : ردفه وردف له ، لغتان .

وقيل : الفعل محمول على المصدر ، أي الرادفة لكم .

وبعض على تقدير ردافة بعض ما تستعجلون ، وهذا فيه تكلف ينزه القرآن عنه .

وقيل : اللام في لكم داخلة على المفعول من أجله ، والمفعول به محذوف تقديره : ردف الخلق لأجلكم ، وهذا ضعيف .

وقيل : الفاعل بردف ضمير يعود على الوعد ، ثم قال : لكم بعض ما تستعجلون على المبتدأ والخبر ، وهذا فيه تفكيك للكلام ، وخروج عن الظاهر لغير حاجة تدعو إلى ذلك .