البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبٗا وَءَابَآؤُنَآ أَئِنَّا لَمُخۡرَجُونَ} (67)

لما تقدم أنه تعالى منفرد بعلم الغيب ، ومن جملتها وقت الساعة ، وأنهم لا شعور لهم بوقتها ، وأن الكفار في شك منها عمون ، ناسب ذكر مقالاتهم في استبعادها ، وأن ما وعدوا به من ذلك ليس بصحيح ، إنما ذلك ما سطر الأولون من غير إخبار بذلك عن حقيقة .

وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : { أئذا ، أئنا } بالجمع بين الاستفهامين ؛ وقلب الثانية ياء ، وفصل بينهما بألف أبو عمرو ، وقرأهما عاصم وحمزة : بهمزتين ، ونافع : إذا بهمزة مكسورة ، آينا بهمزة الاستفهام ، وقلب الثانية ياء ، وبينهما مدة ، والباقون : آئذا ، باستفهام ممدود ، إننا : بنونين من غير استفهام ، والعامل في إذا محذوف دل على مضمون الجملة الثانية تقديره : يخرج ويمتنع إعمال لمخرجون فيه ، لأن كلاًّ من إن ولام الابتداء والاستفهام يمنع أن يعمل ما بعده فيما قبله ، إلا اللام الواقعة في خبر إن ، فإنه يتقدم معمول الخبر عليها وعلى الخبر على ما قرر في علم النحو .

وآباؤنا : معطوف على اسم كان ، وحسن ذلك الفصل بخبر كان .

والإخراج هنا من القبور أحياء ، مردوداً أرواحهم إلى الأجساد ، والجمع بين الاستفهام في إذا وفي إنا إنكار على إنكار ، ومبالغة في كون ذلك لا يكون ، والضمير في إننا لهم ولآبائهم ، لأن صيرورتهم تراباً ، شامل للجميع .

ثم ذكروا أنهم وعدوا ذلك هم وآباؤهم ، فلم يقع شيء من هذا الموعود ، ثم جزموا وحصروا أن ذلك من أكاذيب من تقدم .