البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قَالَ هَلۡ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ} (54)

والظاهر أن الضمير في { قال هل أنتم } عائد على قائل في قوله : { قال قائل } .

قيل : وفي الكلام حذف تقديره : فقال لهذا القائل حاضروه من الملائكة : إن قرينك هذا في جهنم يعذب ، فقال عند ذلك : { هل أنتم مطلعون } .

والخطاب في { هل أنتم مطلعون } يجوز أن يكون للملائكة ، وأن يكون لرفقائه في الجنة الذين كان هو وإياهم يتساؤلون ، أو لخدمته ، وهذا هو الظاهر .

لما كان قرينه ينكر البعث ، علم أنه في النار فقال : { هل أنتم مطلعون } إلى النار لأريكم ذلك القرين ؟ وعلى هذا القول لا يحتاج الكلام إلى حذف ، ولا لقول الملائكة : إن قرينك في جهنم يعذب .

قيل : إن في الجنة كوى ينظر أهلها منها إلى أهل النار .

وقيل : القائل { هل أنتم مطلعون } الله تعالى .

وقيل : بعض الملائكة يقول لأهل الجنة : بل تحبون أن تطلعوا فتعلموا أين منزلتكم من منزلة أهل النار .

وقرأ الجمهور : { مطلعون } ، بتشديد الطاء المفتوحة وفتح النون ، واطلع بشد الطاء فعلاً ماضياً .

وقرأ أبو عمرو في رواية حسين الجعفي : مطلعون ، بإسكان الطاء وفتح النون ، فأطلع بضم الهمزة وسكون الطاء وكسر اللام فعلاً ماضياً مبنياً للمفعول ، وهي قراءة ابن عباس وابن محيصن وعمار بن أبي عمار وأبي سراج .

وقرىء : مطلعون ، بالتخفيف