ثم قال تعالى عنهم ، إنهما قالوا في مساءلتهم : { قال قائل منهم إني كان لي قرين ، يقول أئنك لمن المصدقين ، أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما إنا لمدينون } {[57289]} .
[ فقوله : " إنا لمدينون " {[57290]}جواب للاستفهامين في قوله : " أئنك لمن المصدقين أئذا متنا " ] {[57291]} .
أي قال قائل من أهل الجنة إن كان لي صاحب ينكر البعث بعد الموت ويقول لي : أتصدق بأنك تبعث بعد أن تكون عظاما ورفاتا ، وتجزى بعملك ؟ هذا معنى قول ابن عباس {[57292]} .
وقال مجاهد : القرين {[57293]} كان شيطانا {[57294]}/ .
قال ابن عباس : لما صار المؤمن إلى الجنة ذكر ذلك فرأى صاحبه في سواء الجحيم ، أي : في وسطه قال : { تالله إن كدت لتردين } {[57295]} أي : والله إنك قاربت أن تهلكني {[57296]} لو قبلتنك ولولا نعمة ربي إذ {[57297]} ثبتني على الإيمان لكنت من المحضرين معك في النار .
وروي أنه كان شريكان ، وكان أحدهما له حرفة والآخر ليس له حرفة ، فقال الذي له حرفة للآخر : ليس عندك حرفة ولا أراني {[57298]} إلا مفارقك {[57299]} ومقاسمك {[57300]} ، فقاسمه وفارقه .
ثم إن الرجل صاحب الحرفة اشترى دارا بألف دينار كانت {[57301]} لملك مات ، فدعا صاحبه الذي لا حرقة فأراه الدار ، وقال : كيف ترى {[57302]} هذه الدار ابتعتها بألف دينار ؟ قال : ما أحسنها فلما خرج قال : اللهم إن صاحبي هذا قد ابتاع هذه الدار بألف دينار وإني أسألك دارا من دور الجنة ، فتصدق بألف دينار ، ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ثم {[57303]} تزوج امرأة بألف دينار ، ثم دعا الذي لا حرفة معه وصنع له طعاما {[57304]}فلما أتاه قال : إني تزوجت هذه المرأة بألف دينار ، فقال : ما أحسن هذا فلما انصرف قال : يا رب إن صاحبي تزوج امرأة بألف دينار وإني أسألك امرأة من الحور العين ، فتصدق بألف دينار . ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ثم اشترى بستانين بألفي دينار ، ثم دعاه {[57305]} فأراه {[57306]} ذلك وقال : : إني ابتعت هذين البستانين بألفي دينار ، قال : ما أحسن هذا فلما خرج قال : يا رب إن صاحبي هذا اشترى بستانين بألفي دينار {[57307]} ، وإني أسألك بستانين من الجنة ، فتصدق بألفي {[57308]} دينار ، ثم إن الملك أتاهما فتوفاهما {[57309]} ثم انطلق بهذا المتصدق فأدخله دارا معجبة فإذا امرأة تطلع يضيء منها ما تحتها من حسنها ثم أدخله بستانين وشيئا الله به {[57310]} عليم فقال المتصدق عند ذلك : ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا وكذا قال : فأنت ذلك ولك هذان البستانان {[57311]} والمرأة : قال : فإنه لي صاحب يقول : أئنك لمن المصدقين ؟ قيل له : فإنه في الجحيم ، فقال : هل أنتم مطلعون ؟ فاطلع فرآه في سواء الجحيم ، فقال عند ذلك : " تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين " أي : من المحضرين في النار معك ذكر هذه الحكاية {[57312]} بن ثعلبة البهراني {[57313]} {[57314]} .
وهو تأويل يوجب أن تكون القراءة : من " المصدقين " بالتشديد للصاد {[57315]} من الصدقة . وقراءة الجماعة {[57316]} إنما هي من التصديق {[57317]} بالحساب والبعث والمجازاة {[57318]} بالأعمال .
قال ابن عباس : " لمدينون " لمجازون بالعمل {[57319]} .
وقال مجاهد : لمحاسبون {[57320]} .
قال قتادة : سأل ربه أن يطلعه فأطلعه {[57321]} فاطلع فرأى صاحبه في وسط النار {[57322]} .
قال مطرف بن عبد الله لولا أن الله عرفه به ما عرفه لتغير حبره وسبره {[57323]} بعده {[57324]} {[57325]} .
ةوروي أنه أطلع فرأى جماجم القوم تغلي .
وروى ابن المبارك عن معمر عن عطاء الخرساني {[57326]} مثل الحكاية بعينها إلا أن فيها اختلاف ألفاظ ، قال : كان رجلان شريكان بينهما ثمانية آلاف دينار ، فاقتسمهما فعمد أحدهما فاشترى دارا بألف دينار وأرضا بألف دينار وتزوج امرأة بألف دينار واشترى أثاثا بألف ، فقال الآخر : اللهم إني أشتري منك في الجنة دارا وأرضا وامرأة وأثاثا بأربعة آلاف دينار ، ثم تصدق بها كلها ، ثم احتاج فتعرض لشريكه أن ينيله {[57327]} مما عنده ، فقال له : أين مالك ؟ فأخبره بما فعل فقال له : وإنك لمن المصدقين بهذا اذهب فوالله لا أعطيك شيئا . وطرده فنزلت فيهما هذه {[57328]} الآيات فتذكر {[57329]} المتصدق أمر شريكه وهو في الجنة فاطلع ليراه في وسط الجحيم {[57330]} .
قال قتادة : رأى جماجم القوم {[57331]} تغلي {[57332]} .
قال ابن المبارك : وبلغنا أنه سأل ربه أن يطلعه عليه .
قال أبو محمد مؤلفه {[57333]} نصر الله وجهه {[57334]} نقلت معنى الحكاية واختصرت بعض لفظها .
وةيروى أن الله جل ذكره بين أهل الجنة ، وأهل النار كوى {[57335]} ينظر إليهم أهل الجنة إذا أحبوا ليعلموا قدر ما أنجاهم {[57336]} الله {[57337]} منه وقدر ما أعطاهم ، ودل على ذلك قوله تعالى {[57338]} : { فاطلع فرآه في سواء الجحيم } أي : أطلع من الكوى {[57339]} فرآه في وسط الجحيم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.