البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعۡضَ ٱلظَّـٰلِمِينَ بَعۡضَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (129)

{ وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون } لما ذكر تعالى أنه ولى المؤمنين بمعنى أنه يحفظهم وينصرهم على أن الكافرين بعضهم أولياء بعض في الظلم والخزي .

قال قتادة : يجعل بعضهم ولي بعض في الكفر والظلم ، يريد ما تقدّم من ذكر الجنّ والإنس واستمتاع بعضهم ببعض .

وقال قتادة أيضاً : يتبع بعضهم بعضاً في دخول النار أي يجعل بعضهم يلي بعضاً في الدخول .

وقال ابن زيد : معناه نسلط { بعض الظالمين } على بعض ونجعلهم أولياء النقمة منهم ، وهذا تأويل بعيد وحين قتل عبد الملك بن مروان عمرو بن سعيد الأشدق قال عبد الله بن الزبير : وصعد المنبر إن فم الذئاب قتل لطيم الشيطان وتلا { وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً } الآية .

وقال ابن عباس : تفسيرها أن الله إذا أراد بقوم شراً ولى عليهم شرارهم أو خيراً ولى عليهم خيارهم ، وفي بعض الكتب المنزلة أفني أعدائي بأعدائي ثم أفنيهم بأوليائي .

وقال إسماعيل الضرير : نترك المشركين إلى بعضهم في النصرة والمعونة والحاجة .

وقال الزمخشري : نخليهم حتى يتولى بعضهم بعضاً كما فعل الشياطين وغواة الإنس ، أو يجعل بعضهم أولياء بعض يوم القيامة وقرناءهم كما كانوا في الدنيا { بما كانوا يكسبون } من الكفر والمعاصي ؛ انتهى .

وقوله : نخليهم هو على طريقة الاعتزالي .