فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعۡضَ ٱلظَّـٰلِمِينَ بَعۡضَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (129)

{ وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون 129 يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين130 ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون 131 } .

{ وكذلك } أي مثل ما جعلنا ما بين الجن والإنس ما سلف { نولي بعض الظالمين بعضا } أي نجعل بعضهم يتولى البعض فيكونون بعضهم أولياء بعض ثم يتبرأ بضعهم من البعض ، فمعنى نولي على هذا نجعله وليا له ، وقال عبد الرحمن ابن زيد : معناه نسلط بعض ظلمة الجن على ظلمة الإنس ، وروي عنه أنه فسر هذه الآية بأن المعنى نسلط بعض الظلمة على بعض فنهلكه ونذله فيكون في الآية على هذا تهديد للظلمة بأن من لم يمتنع من ظلمة منهم سلط الله عليه ظالما آخر .

وقال فضيل بن عياض : إذا رأيت ظالما ينتقم من ظالم فقف وانظر متعجبا وقيل معنى نولي نكل بعضهم إلى بعض فيما يختارونه من الكفر ، وقال قتادة : المعنى المؤمن ولي المؤمن حيث كان وأين كان ، والكافر ولي الكافر حيث كان وأين كان ، وقال ابن عباس في الآية : إن الله إذا أراد بقوم خيرا ولى عليهم خيارهم وإذا أراد بقوم شرا ولى عليهم شرارهم .

{ بما كانوا يكسبون } الباء للسببية أي بسبب كسبهم الذنوب ولينا بعضهم بعضا قال قتادة : يولي الله بعض الظالمين بعضا في الدنيا ، ويتبع بعضهم بعضا في النار من الموالاة ، وقال الأعمش سمعتهم يقولون إذا فسد الزمان أمر عليهم شرارهم .