غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعۡضَ ٱلظَّـٰلِمِينَ بَعۡضَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (129)

122

ثم لما حكى عن الجن أن بعضهم يتولى بعضاً بين أن ذلك إنما حصل بتقديره وقضائه فقال : { وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً } وذلك أن القدرة صالحة للعداوة والصداقة فترجيح أحد الجانبين لا يكون إلا بداعية خلقها الله قطعاً للتسلسل ، وأيضاً لما بين أنه سبحانه ولي أهل الجنة بقوله : { هو وليهم } ذكر أن أولياء أهل النار من يشبههم في الظلم والخزي والنكال وأشار إليه بقوله : { بما كانوا يكسبون } أي بسبب كون ذلك البعض مكتسباً للظلم وهذه في مناسبة في غاية اللطف لأن الجنسية علة الضم فالطيبات للطيبين والخبيثات للخبيثين . وفي الآية دلالة على أن الرعية متى كانوا ظلمة فإن الله تعالى يسلط عليهم ظالماً مثلهم ، فإن أرادوا الخلاص منه فليتركوا الظلم وعن مالك بن دينار قال : جاء في بعض الكتب السماوية «أنا الله مالك الملوك ، قلوب الملوك بيدي فمن أطاعني جعلتهم عليهم رحمة ، ومن عصاني جعلتهم عليهم نقمة ، لا تشغلوا أنفسكم بسبب الملوك لكن توبوا إليّ أعطفهم عليكم » .

/خ130