بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعۡضَ ٱلظَّـٰلِمِينَ بَعۡضَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (129)

ثم قال : { وكذلك نُوَلّي } يعني : نسلط { بَعْضَ الظالمين بَعْضاً } يعني : كفار الجن على كفار الإنس . ويقال : نسلط بعض الظالمين بعضاً فيهلكه ويذله .

وهذا كلام لتهديد الظالم لكي يمتنع عن ظلمه . لأنه لو لم يمتنع يسلط الله عليه ظالماً آخر . ويدخل في الآية جميع من يظلم ومن ظلم في رعيته أو التاجر يظلم الناس في تجارته أو السارق وغيرهم . وقال فضيل بن عياض : إذا رأيت ظالماً ينتقم من ظالم فقف وانظر فيه متعجباً . وقال ابن عباس : إذا رضي الله عن قوم ولّى أمرهم خيارهم . وإذا سخط الله على قوم ولّى أمرهم شرارهم بما كانوا يكسبون ، ثم تلا قوله { وكذلك نُوَلي بَعْضَ الظالمين بَعْضاً } .

وعن مالك بن دينار قال : قرأت في بعض الكتب المنزلة أن الله تعالى يقول : إني أنا الله مالك الملوك قلوب الملوك بيدي ونواصيها بيدي فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك ولكن توبوا إليّ أجعلهم عليكم رحمة . ثم قال : { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } يعني : يسلط بعضهم على بعض بأعمالهم الخبيثة .