الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعۡضَ ٱلظَّـٰلِمِينَ بَعۡضَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (129)

أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله { وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً } قال : ظالمي الجن وظالمي الإِنس ، وقرأ { ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين } [ الزخرف : 36 ] قال : ونسلط ظلمة الجن على ظلمة الإِنس .

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله { وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً } قال : يولي الله بعض الظالمين بعضاً في الدنيا ، يتبع بعضهم بعضاً في النار .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله { وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً } قال : إنما يولي الله بين الناس بأعمالهم فالمؤمن ولي المؤمن من أين كان وحيثما كان ، والكافر ولي الكافر من أين كان وحيثما كان ، ليس الإيمان بالله بالتمني ولا بالتحلي ، ولعمري لو عملت بطاعة الله ولم تعرف أهل طاعة الله ما ضرك ذلك ، ولو عملت بمعصية الله وتوليت أهل طاعة الله ما نفعك ذلك شيئاً .

وأخرج أبو الشيخ عن منصور بن أبي الأسود قال : سألت الأعمش عن قوله { وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً } ، ما سمعتهم يقولون فيه ؟ قال : سمعتهم يقولون إذا فسد الناس أُمِّرَ عليهم شرارهم .

وأخرج ابن أبي حاتم أبو الشيخ من مالك بن دينار قال : قرأت في الزبور : إني أنتقم من المنافق بالمنافق ، ثم أنتقم من المنافقين جميعاً ، وذلك في كتاب الله قول الله { وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون } .

وأخرج الحاكم في التاريخ والبيهقي في شعب الإِيمان من طريق يحيى بن هاشم ، ثنا يونس بن أبي إسحق عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « كما تكونون كذلك يؤمر عليكم » قال البيهقي : هذا منقطع ويحيى ضعيف .

وأخرج البيهقي عن كعب الأحبار قال : إن لكل زمان ملكاً يبعثه الله على نحو قلوب أهله ، فإذا أراد صلاحهم بعث عليهم مصلحاً ، وإذا أراد هلكتهم بعث عليهم مترفهم .

وأخرج البيهقي عن الحسن أن بني إسرائيل سألوا موسى فقالوا : سل لنا ربك يبين لنا علم رضاه عنا وعلم سخطه ، فسأله فقال : يا موسى أنبئهم إن رضاي عنهم أن استعمل عليهم خيارهم ، وأن سخطي عليهم أن استعمل عليهم شرارهم .

وأخرج البيهقي من طريق عبد الملك بن قريب الأصمعي ، ثنا مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال : حدثت أن موسى أو عيسى قال : يا رب ما علامة رضاك عن خلقك ؟ قال : أن أنزل عليهم الغيث إبان زرعهم وأحبسه إبان حصادهم ، واجعل أمورهم إلى حلمائهم ، وفيئهم في أيدي سمحائهم . قال : يا رب فما علامة السخط ؟ قال : أن أنزل عليهم الغيث إبان حصادهم وأحبسه إبان زرعهم ، واجعل أمورهم إلى سفهائهم ، وفيئهم في أيدي بخلائهم . والله تعالى أعلم .