البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّىٰ} (31)

{ فلا صدق ولا صلى } ، الجمهور : إنها نزلت في أبي جهل وكادت أن تصرح به في قوله : { يتمطى } .

فإنها كانت مشيته ومشية قومه بني مخزوم ، وكان يكثر منها .

وتقدم أيضاً أنه قيل في قوله : { أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه } أنها نزلت في أبي جهل .

وقال الزمخشري : يعني الإنسان في قوله : { أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه } .

ألا ترى إلى قوله : { أيحسب الإنسان أن يترك سدى } ، وهو معطوف على قوله : { يسأل أيان يوم القيامة } : أي لا يؤمن بالبعث ؟ { فلا صدق } بالرسول والقرآن ، { ولا صلى } .

ويجوز أن يراد : فلا صدق ماله ، يعني فلا زكاة . انتهى .

وكون { فلا صدق } معطوفاً على قوله : { يسأل } فيه بعد ، ولا هنا نفت الماضي ، أي لم يصدق ولم يصل ؛ وفي هذا دليل على أن لا تدخل على الماضي فتنصبه ، ومثله قوله :

وأي جميس لا أتانا نهابه *** وأسيافنا يقطرن من كبشه دما

وقال الراجز :

إن تغفر اللهم تغفر جماً *** وأيّ عبد لك لا ألما

وصدق : معناه برسالة الله .

وقال يوم : هو من الصدقة ، وهذا الذي يظهر نفي عنه الزكاة والصلاة وأثبت له التكذيب ، كقوله : { لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين } وحمل { فلا صدق } على نفي التصديق بالرسالة ، فيقتضي أن يكون { ولكن كذب } تكراراً .

ولزم أن يكون لكن استدراكاً بعد { ولا صلى } لا بعده { فلا صدق } ، لأنه كان يتساوى الحكم في { فلا صدق }