الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّىٰ} (31)

قوله : { فَلاَ صَدَّقَ } : " لا " هنا دَخَلَتْ على الماضي ، وهو مُسْتفيضٌ في كلامِهم بمعنى : لم يُصَدِّق ولم يُصَلِّ . قال :

إنْ تَغْفِر اللهمَّ تَغْفِرْ جَمَّا *** وأيُّ عبدٍ لكَ لا ألَمَّا

وقال آخر :

وأيُّ خَميسٍ لا أَفَأْنا نِهابَه *** وأسيافُنا مِنْ كَبْشِه تَقْطُر الدِّما

واستدلَّ بعضُهم أيضاً على ذلك بقولِ امرِىء القيس :

كأنَّ دِثاراً حَلَّقَتْ بلَبُوْنِه *** عُقابُ تَنُوْفَى لا عُقابُ القواعِلِ

/ فقوله : " لا عُقابُ " عطفٌ على " عُقابُ تَنُوفَى " وهو مرفوعٌ بحلَّقَتْ ، وفي البيتَيْنِ الأَوَّلَيْنِ غُنْيَةٌ عن هذا .

وقال مكي : " لا " الثانيةُ نفيٌ ، وليسَتْ بعاطفةٍ ، ومعناه : فلم يُصَدِّقْ ولم يُصَلِّ " . قلت : كيف يُتَوَهَّمُ العطفُ حتى يَنْفِيَه ؟ وجعل الزمخشريُّ { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى } عطفاً على الجملة مِنْ قولِه : { يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ } قال : " وهو معطوفٌ على قوله : " يَسْأل أيَّان " ، أي : لا يُؤْمِنُ بالبعثِ فلا صَدَّقَ بالرسول والقرآن " ، واستبعده الشيخ .