أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا} (10)

شرح الكلمات :

{ وقد خاب } : أي خسر في الآخرة نفسه وأهله يوم القيامة .

{ من دساها } : أي دسّى نفسه إذا أخفاها وأخملها بالكفر والمعاصي وأصل دسها دسسها فأُبدلت إحدى السِينَيْن ياءً .

/د1

المعنى :

وأن من خذله الله تعالى لما له من سوابق في الشر والفساد فلم يزك نفسه بالإِيمان والعمل الصالح ودساها اي دسسها أخفاها وأخملها بما أفرغ عليها من الذنوب وما غطاها من آثار الخطايا والآثام فقد خاب بمعنى خسر في آخرته فلم يفلح فخسر نفسه وأهله وهو الخسران المبين .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا} (10)

{ وقد خاب من دساها } أي خابت وخسرت نفس أضلها الله فأفسدها . وقال الحسن : معناه قد أفلح من زكى نفسه فأصلحها وحملها على طاعة الله عز وجل ، { وقد خاب من دساها } أهلكها وأضلها وحملها على المعصية ، فجعل الفعل للنفس . و{ دساها } أصله : دسسها من التدسيس ، وهو إخفاء الشيء ، فأبدلت السين الثانية ياءً . والمعنى ها هنا : أخملها وأخفى محلها بالكفر والمعصية .

أخبرنا أبو الحسن علي بن يوسف الجويني ، أنبأنا محمد بن محمد بن علي بن محمد بن شريك الشافعي ، أنبأنا عبد الله بن محمد بن مسلم أبو بكر الجوربردي ، حدثنا أحمد بن حرب ، حدثنا أبو معاوية عن عاصم ، عن أبي عثمان وعبد الله بن الحارث ، عن زيد بن أرقم قال : " لا أقول لكم إلا ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا : اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والبخل والجبن والهرم وعذاب القبر ، اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها ، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن دعوة لا يستجاب لها " .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا} (10)

{ وقد خاب } أي حرم مراده مما أعد لغيره في الدار الآخرة وخسر وكان سعيه باطلاً { من دساها * } أي أغواها إغواء عظيماً وأفسدها ودنس محياها وقذرها وحقرها وأهلكها بخبائث الاعتقاد ومساوىء الأعمال ، وقبائح النيات والأحوال ، وأخفاها بالجهالة والفسوق ، والجلافة والعقوق ، وأصل " دسى " دسس ، فالتزكية أن يحرص الإنسان على شمسه أن لا تكسف ، وقمره أن لا يخسف ، ونهاره أن لا يتكدر ، وليله ألا يطفى ، والتدسيس أقله إهمال الأمر حتى تكسف شمسه ، ويخسف قمره ، ويتكدر نهاره ، ويدوم ليله ، وطرق ذلك اعتبار نظائر المذكورات من الروحانيات وإعطاء كل ذي حق حقه ، فنظير الشمس هي النبوة لأنها كلها ضياء باهر وصفاء قاهر ، وضحاها الرسالة وقمرها الولاية ، والنهار هو العرفان ، والليل عدم طمأنينة النفس بذكر الله وما جاء من عنده ، وإعراضها عن الانقياد لقبول ما جاء من النبوة أو الولاية ، والعلماء العاملون هم أولياء الله ، قال الإمامان أبو حنيفة والشافعي رضي الله عنهما : إن لم تكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي - رواه عنهما الحافظ أبو بكر الخطيب ، وهو مذكور في التبيان وغيره من مصنفات النووي ، ونظير السماء العزة والترفع عن الشهوات وعن خطوات الشياطين من الإنس والجن ، والأرض نظيرها التواضع لحق الله ولرسوله وللمؤمنين فيكون بإخراجه المنافع لهم كالأرض المخرجة لنباتها ، والتدسية خلاف ذلك ، من عمل بالسوء فقد هضم نفسه وحقرها فأخفاها كما أن اللئام ينزلون بطون الأودية ومقاطعها بحيث تخفى أماكنهم على الطارقين ، والأجواد ينزلون الروابي ، ويوقدون النيران للطارقين ، ويشهرون أماكنهم للمضيفين منازل الأشراف في الأطراف كما قيل :

قوم على المحتاج سهل وصلهم *** ومقامهم وعر على الفرسان