الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا} (10)

وقد : { خَابَ } خسرت نفس { مَن دَسَّاهَا } دسسها الله فأهملها وخذلها ووضع منها وأخفى محلّها حين عمل بالفجور وركب المعاصي ، والعرب تفعل هذا كثيراً فيبدّل في الحرف المشدّد بعض حروفه ياء أو واو كالنقضي والتظنّي وبابهما .

أخبرنا أبو بكر بن عيلوس قال : أخبرنا أبو الحسن المحفوظي قال : حدّثنا عبد الله بن هاشم قال : حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن خصيف عن سعيد بن جبير ومجاهد : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } قال : أحدها أصلحها ، وقال الآخر : طهّرها .

{ وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } قال أحدهما : أغواها ، وقال الآخر : أضلّها ، وقال قتادة : دسّها آثمها وأفجرها ، وقال ابن عبّاس : أبطلها وأهلكها ، وأخبرنا عبد الله بن حامد قال : أخبرنا أبو محمد المزني قال : حدّثنا الحضرمي قال : حدّثنا عثمان قال : حدّثنا أبو الأحوص عن محمد بن السائب عن أبي صالح : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } قد أفلحت نفس زكّاها الله ، وخابت نفس أفسدها الله عزّوجلّ .

وقال الحسن : معناه قد أفلح من زكّى نفسه فأصلحها وحملها على طاعة الله عزّوجلّ ، وقد خاب من دسّاها قال : من أهلكها وأضلّها وحملها على معصية الله عزّوجلّ ، فجعل الفعل للنفس .

أخبرني الحسين قال : حدّثنا اليقطني قال : أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يزيد العقيلي قال : حدّثنا صفوان بن صالح قال : حدّثنا الوليد بن مسلم قال : حدّثنا ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال " أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } وقف ثمّ قال : " اللّهمّ آتِ نفسي تقواها أنت وليّها ومولاها وزكّها أنت خير من زكّاها " .