الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا} (10)

و{ دساها } معناه : أخْفَاهَا وحَقَّرَها وصَغَّرَ قدْرَها بالمعاصِي والبخلِ بما يَجِبُ وأَصلُ «دَسَّى » : دَسَّسَ ؛ ومنه قول الشاعر :

وَدَسَّسْتَ عَمْراً في التُّرَابِ فَأَصْبَحَت *** حَلائِلُهُ مِنْهُ أَرامِلَ ضُيَّعَا

( ت ) : قال الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي : ومن عيوبِ النفس الشفقةُ عليها ، والقيامُ بتَعَهُّدِها وتحصيلِ مآربِها ، ومداواتُها الإعراضُ عَنْها وقلةُ الاشْتِغَالِ بها ، كذلك سمعتُ جَدِّي يقول : مَنْ كَرُمَتْ عليه نفسهُ هَانَ عليه دينُه ، انتهى من تأليفه في عيوب النفس ، ورُوِي : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآيةَ قال : " اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا ، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا ، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا " ، قال صاحبُ " الكَلِمُ الفَارِقِيَّةِ والْحِكَمِ الحقيقيَّةِ " : النفسُ الزكيَّةُ زِينَتُها نَزَاهَتُها ، وعافيتُها عِفَّتُها ، وطَهَارَتُها وَرَعُها ، وغِنَاها ثِقَتُها بمولاها ؛ وعلمُها بأنَّه لا ينساها ، انتهى . ولما ذَكَر تعالى خَيْبَة مَنْ دسَّى نفسَه ؛ ذكرَ فرقةً فَعَلَتْ ذلكَ ليعتبرَ بهم ، وينتهي عن مثلِ فعلِهم .