الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا} (10)

{ قَدْ أَفْلَحَ مَن زكاها ( 9 ) وَقَدْ خَابَ مَن دساها ( 10 ) } فجعله فاعل التزكية ، والتدسية ومتوليهما والتزكية : الإنمار والإعلاء بالتقوى . والتدسية : النقص والإخفاء بالفجوز . وأصل دسى : دسس ، كما قيل في تقضض : تقضى . وسئل ابن عباس عنه فقال : أتقرأ : { قَدْ أَفْلَحَ مَن تزكى } ، [ الأعلى : 14 ] { وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } [ طه : 111 ] . وأما قول من زعم أنّ الضمير في زكّى ودسى لله تعالى ، وأنّ تأنيث الراجع إلى ( من ) لأنه في معنى النفس : فمن تعكيس القدرية الذين يورّكون على الله قدراً هو بريء منه ومتعال عنه ، ويحيون لياليهم في تمحل فاحشة ينسبونها إليه ،

فإن قلت : فأين جواب القسم ؟ قلت : هو محذوف تقديره : ليدمدمنّ الله عليهم ، أي : على أهل مكة لتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما دمدم على ثمود لأنهم كذبوا صالحاً . وأما { قَدْ أَفْلَحَ مَن زكاها ( 9 ) } فكلام تابع لقوله : { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ( 8 ) } على سبيل الاستطراد ، وليس من جواب القسم في شيء .