بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا} (10)

ثم قال { وَقَدْ خَابَ مَن دساها } يعني : خسر من أغفلها وأغواها ، وخذلها وأضلها . وقال القتبي : معناه قد أفلح من زكى نفسه ، أي : أنماها وأعلاها ، بالطاعة والبر والصدقة ، وقد خاب من دساها ، يعني : نقصها وأخفاها بترك عمل البر ، وبركوب عمل المعاصي . وأصله دسس ، فجعل مكان إحدى السينين ياء ، كما يقال : قصيت أظفاري ، وأصله قصصت . قال وأصل هذا ؟ أن أجواد العرب ، كانوا ينزلون في أرفع المواضع ، ويوقدون من النار للطارقين ، لتكون أنفسهم أشهر ، واللئام ينزلون الأطراف والأهضام ، لتخفي أماكنهم على الطارقين ، فأخفوا أنفسهم . والبار أيضاً أظهر نفسه بأعمال البر ، والفاجر دساها . ويقال : إن الله تعالى ، يطلب من عباده المؤمنين يوم القيامة ستة أشياء بمكان النعمة ، الشكر : وبمكان الشدة وبمكان الصحة العمل بالطاعة ، وبمكان الذنوب التوبة ، وبمكان العمل الإخلاص ، فمن يجىء بهذه الأشياء ، فقد أفلح ونما ، ومن لم يجىء بهذه الأشياء ، فقد خسر وغبن .