أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{نَّحۡنُ خَلَقۡنَٰهُمۡ وَشَدَدۡنَآ أَسۡرَهُمۡۖ وَإِذَا شِئۡنَا بَدَّلۡنَآ أَمۡثَٰلَهُمۡ تَبۡدِيلًا} (28)

شرح الكلمات :

{ وشددنا أسرهم } : أي قوينا أعضاءهم ومفاصلهم .

{ وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا } : أي جعلنا أمثالهم في الخلقة بدلا منهم بعد أن نهلكهم .

المعنى :

{ نحن خلقناهم } أي أوجدناهم من العدم { وشددنا أسرهم } أي قوينا ظهورهم وأعضاءهم ومفاصلهم { وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا } أي جعلنا أمثالهم في الخلقة بدلا عنهم وأهلكناهم ولو شاء تعالى ذلك لكان ولكنه لم يشأ مع أنه في كل قرن يبدل جيلا بجيل هذا يميته وهذا يحييه وهو على كل شيء قدير . وفي خاتمة هذه السورة المشتملة على أنواع من الهدايات الكثيرة .

الهداية :

من الهداية :

- مشيئة الله عز وجل قبل فوق كل مشيئة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{نَّحۡنُ خَلَقۡنَٰهُمۡ وَشَدَدۡنَآ أَسۡرَهُمۡۖ وَإِذَا شِئۡنَا بَدَّلۡنَآ أَمۡثَٰلَهُمۡ تَبۡدِيلًا} (28)

{ نحن خلقناهم وشددنا } قوينا وأحكمنا { أسرهم } قال مجاهد وقتادة ومقاتل : { أسرهم } أي : خلقهم ، يقال : رجل حسن الأسر ، أي : الخلق . وقال الحسن : يعني أوصالهم شددنا بعضها إلى بعض بالعروق والعصب . وروي عن مجاهد في تفسير الأسر قال : الفرج ، يعني : موضع في البول والغائط ، إذا خرج الأذى تقبضا . { وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلاً } أي : إذا شئنا أهلكناهم وأتينا بأشباههم فجعلناهم بدلاً منهم .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{نَّحۡنُ خَلَقۡنَٰهُمۡ وَشَدَدۡنَآ أَسۡرَهُمۡۖ وَإِذَا شِئۡنَا بَدَّلۡنَآ أَمۡثَٰلَهُمۡ تَبۡدِيلًا} (28)

قوله تعالى : " نحن خلقناهم " أي من طين . " وشددنا أسرهم " أي خلقهم ، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة ومقاتل وغيرهم . والأسر الخلق . قال أبو عبيد : يقال فرس شديد الأسر أي الخلق . ويقال أسره الله جل ثناؤه إذا شدد خلقه . قال لبيد :

سَاهِمُ الوَجْهِ شديدٌ أَسْرُهُ *** مُشْرِفُ الحَارِكِ مُحْبُوكُ الكَتِدَ{[15709]}

وقال الأخطل :

من كل مُجْتَنِبٍ شديدٍ أسْرُهُ *** سَلِسِ القِيَادِ تَخَالُهُ مُخْتَالاَ{[15710]}

وقال أبو هريرة والحسن والربيع : شددنا مفاصلهم وأوصالهم بعضها إلى بعض بالعروق والعصب . وقال مجاهد في تفسير الأسر : هو الشرج ، أي إذا خرج الغائط والبول تقبض الموضع . وقال ابن زيد القوة . وقال ابن أحمر يصف فرسا :

يمشِي بأَوْظِفَةٍ شِدَادٍ أَسْرُهَا *** صُمِّ السَّنَابِكِ لا تَقِي بالجَدْجَدِ{[15711]}

واشتقاقه من الأسار وهو القد الذي يشد به الأقتاب . يقال : أسرت القتب أسرا أي شددته وربطه . ويقال : ما أحسن أسر قتبه أي شده وربطه . ومنه قولهم : خذه بأسره إذا أرادوا أن يقولوا هو لك كله . كأنهم أرادوا تعكيمه{[15712]} وشده لم يُفْتَح ولم يُنْقَص منه شيء . ومنه الأسير ، لأنه كان يكتف بالإسار . والكلام خرج مخرج الامتنان عليهم بالنعم حين قابلوها بالمعصية . أي سويت خلقك وأحكمته بالقوي ثم أنت تكفر بي . " وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا " قال ابن عباس : يقول لو نشاء لأهلكناهم وجئنا بأطوع لله منهم . وعنه أيضا : لغيرنا محاسنهم إلى أسمج الصور وأقبحها . كذلك روى الضحاك عنه . والأول رواه عنه أبو صالح .


[15709]:ورد في اللسان مادة (حبك) أنشد بيت لبيد على هذه الصورة: مشرف الحارك محبوك الكفل (وكذلك هو في ديوانه)، ومحبوك الكفل: مدمجه. وفي مادة حرك أنشد الشطر: مغبط الحارك محبوك الكفل * أما الشطر الذي في التفسير هنا فهو لأبي داود وقد مر في جـ 17 ص 32.
[15710]:مجتنب: مفتعل من الجنيبة وهي الفرس تقاد ولا تركب، وكانوا يركبون الإبل ويجنبون الخيل فإذا صاروا إلى الحرب ركبوا الخيل.
[15711]:الجدجد: الأرض الصلبة. ولا تقي: لا تتوقى ولا تتهيب.
[15712]:عكمت المناع شددته، والعكام الخيط الذي يعكم به، وعكمت البعير شددت عليه العكم.