فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{نَّحۡنُ خَلَقۡنَٰهُمۡ وَشَدَدۡنَآ أَسۡرَهُمۡۖ وَإِذَا شِئۡنَا بَدَّلۡنَآ أَمۡثَٰلَهُمۡ تَبۡدِيلًا} (28)

{ نَّحْنُ خلقناهم } أي ابتدأنا خلقهم من تراب ، ثم من نطفة ثم من علقة ، ثم من مضغة إلى أن كمل خلقهم ، ولم يكن لغيرنا في ذلك عمل ولا سعي لا اشتراكاً ولا استقلالاً { وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ } الأسر : شدّة الخلق ، يقال شدّ الله أسر فلان : أي قوّى خلقه . قال مجاهد وقتادة ومقاتل وغيرهم : شددنا خلقهم . قال الحسن : شددنا أوصالهم بعضاً إلى بعض بالعروق والعصب . قال أبو عبيد : يقال فرس شديد الأسر : أي الخلق . قال لبيد :

ساهم الوجه شديد أسره *** مشرف الحارك محبوك القتد

وقال الأخطل :

من كل مجتنب شديد أسره *** سلس القياد تخاله مختالا

وقال ابن زيد : الأسر القوّة ، واشتقاقه من الإسار ، وهو القدّ الذي تشدّ به الأقتاب ، ومنه قول ابن أحمر يصف فرساً :

يمشي بأوطفة شداد أسرها *** شمّ السبائك لا تفي بالجدجد

{ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أمثالهم تَبْدِيلاً } أي لو شئنا لأهلكناهم وجئنا بأطوع لله منهم . وقيل المعنى : مسخناهم إلى أسمج صورة وأقبح خلقة .

/خ31