غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{نَّحۡنُ خَلَقۡنَٰهُمۡ وَشَدَدۡنَآ أَسۡرَهُمۡۖ وَإِذَا شِئۡنَا بَدَّلۡنَآ أَمۡثَٰلَهُمۡ تَبۡدِيلًا} (28)

1

ثم بين كمال قدرته قائلاً { نحن خلقناهم وشددنا أسرهم } أي ربطهم وتوثيقهم ومنه أسر الرجل إذا أوثق بالقدر وبه سمى القد أسراً . والمعنى ركبناهم تركيباً محكماً وتقنا مفاصلهم بالأعصاب والربط والأوتار حسب ما يحتاجون إليه في التصرف لوجوه الحوائج { وإذا شئنا } أهلكناهم بالنفخة و { بدلنا أمثالهم } في شدة الأسر عند النفخة الثانية . وقال جار الله : قيل معناه بدلنا غيرهم ممن يطيع وحقه أن يجيء بأن لا بإذا كقوله

{ وأن تتولوا يستبدل قوماً غيركم } [ محمد :38 ] ممن يطيع { وإن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد } [ إبراهيم :19 ] قال الإمام فخر الدين الرازي : هذا الكلام كأنه طعن في لفظ القرآن وهو ضعيف لأن كل واحد من " إذا " " وإن " حرف الشرط . قلت : ما ذكره جار الله ليس طعناً في القرآن وإنما هو طعن في نفس ذلك القول بناء على أن " إذا " لا تستعمل إلا فيما كان مقطوع الوقوع كالإماتة بالنفخة الأولى والإحياء في النشأة الأخرى . أما الإهلاك على سبيل الاستئصال فذلك غير مقطوع به فلهذا ألا يحسن تفسير اللفظ به وتعين التفسير الأول ، والمبادرة بالاعتراض قبل الفهم التام ليس من دأب العلماء المتقين فعجب من مثله ذلك .

/خ31