أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{فَذَكِّرۡ فَمَآ أَنتَ بِنِعۡمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٖ وَلَا مَجۡنُونٍ} (29)

شرح الكلمات :

{ فذكر فما أنت بنعمة ربك } : أي فذكر بالقرآن وعظ من أرسلت إليهم من قومك وغيرهم فلست بنعم ربك عليك بالعقل وكمال الخلق والوحي إليك .

{ بكاهن ولا مجنون } : أي بمتعاطٍ للكهانة فتخبر عن الغيب بواسطة رئي من الجنة ولا أنت بمجنون .

المعنى :

بعد ذلك العرض لأحوال أهل النار وأهل الجنة فلم يبق إلا التذكير يا رسولنا فذكر أي قومك ومن تصل إليهم كلمتك من سائر النار بالقرآن وما يحمل من وعد ووعيد ؛ وما يدعو إليه من هدىً وطريق مستقيم ، فما أنت بنعم ربك أي بما أولاك ربك من رجاحة العقل وكمال الخلق وكرم الفعال وشرف النبوة بكاهن تقول الغيب بواسطة رئيّ من الجن ، ولا مجنون تخلط القول وتقول بما لا يفهم عنك ولا يعقل .

الهداية

من الهداية :

- وجوب التذكير والوعظ والإرشاد على أهل العلم بالكتاب والسنة لأنهم خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم في أمته .

- ذم الكهانة بل حرمتها لأنها من أعمال الشياطين ، والكاهن من يقول بالغيب .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَذَكِّرۡ فَمَآ أَنتَ بِنِعۡمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٖ وَلَا مَجۡنُونٍ} (29)

ولما كان هذا مع تشويقه{[61573]} إلى الجنة والأعمال الموصله إليها وعظاً يرقق القلوب ويجلي الكروب ، سبب عنه قوله : { فذكر } أي جدد التذكير بمثل هذا لكل من يرجو خيره ودم على ذلك ، وسماه تذكيراً لأنه مما يعلمه الإنسان إذا أمعن النظر من نفسه أو من الآفاق ، وعلل التذكير بقوله : { فما أنت } أي وأنت أشرف الناس عنصراً وأكملهم نفساً{[61574]} وأزكاهم خلائق هم بها معترفون لك قبل النبوة { بنعمت ربك } أي بسبب ما أنعم به{[61575]} عليك المحسن إليك من هذا الناموس الأعظم بعد تأهيلك له بما هيأك به من رجاحة العقل وعلو الهمة وكرم الفعال وجود الكف وطهارة الأخلاق وشرف النسب ، وأكد النفي بقوله : { بكاهن } أي تقول كلاماً - مع كونه سجعاً متكلفاً - أكثره فارغ وتحكم على المغيبات بما يقع خلاف بعضه . ولما كان للكاهن{[61576]} والمجنون اتصال بالجن ، أتبع ذلك قوله : { ولا مجنون * } أي تقول كلاماً لا نظام له مع الإخبار ببعض المغيبات ، فلا يفترك قولهم هذا عن{[61577]} التذكير فإنه قول باطل لا تلحقك به معرة أصلاً ؛ وعما قليل يكون عيباً لهم لا يغسله عنهم إلا اتباعهم لك ، فمن اتبعك منهم غسل عاره ، ومن استمر على عناده استمر تبابه وخساره .


[61573]:- من مد، وفي الأصل: تشويقهم.
[61574]:-زيد من مد.
[61575]:- من مد، وفي الأصل: الله.
[61576]:- من مد، وفي الأصل: بالكاهن.
[61577]:- من مد، وفي الأصل: عن هذا.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَذَكِّرۡ فَمَآ أَنتَ بِنِعۡمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٖ وَلَا مَجۡنُونٍ} (29)

قوله تعالى : { فذكر فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولا مجنون 29 أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون 30 قل تربصوا فإني معكم من المتربصين 31 أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون 32 أم يقولون تقوّله بل لا يؤمنون 33 فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين 34 أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون } .

يأمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالمضي في تبليغ الرسالة للناس فلا يعبأ بافترائهم عليه ولا يكترث مما ينسبونه إليه من أباطيل الكلام فقال سبحانه : { فذكر فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولا مجنون } أي ذكر الناس بالقرآن وبلغهم ما أنزل إليك من ربك فلست أنت بنعمة ربك وهي الإسلام ، بكاهن . وهو الذي يأتيه الجانّ بالكلمة يسترقها من أخبار السماء . ولست كذلك بمجنون كما يهذي الظالمون السفهاء . وهم في الحقيقة موقنون في قرار أنفسهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم صادق وأنه ما كذب قط ، وأنه مبعوث من ربه إلى الناس ، لكنهم هم الظالمون الموغلون في العناد والمكابرة .