قوله تعالى : { فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ } لما بين تعالى أن في الوجود قوماً يخافون الله ، ويشفقون في أهلهم والنبي - عليه الصلاة والسلام - مأمور بتذكير من يخاف الله تعالى لقوله تعالى : { فَذَكِّرْ بالقرآن مَن يَخَافُ وَعِيدِ } [ ق : 45 ] فوجب التذكير فلذلك ذَكَرَهُ بالفاء{[53210]} .
قوله : «بِنِعْمَةِ رَبِّكَ » فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه مقسم به متوسط بين اسم «ما » وخبرها . ويكون الجواب حينئذ محذوفاً لدلالة هذا المذكور عليه والتقدير : «وَنِعْمَةَ رَبّكَ مَا أَنْتَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ » .
الثاني : أن الباء في موضع نصب على الحال ، والعامل فيها : «بِكَاهِنٍ أوْ مَجْنُون »{[53211]} والتقدير : ما أنت كاهناً ولا مجنوناً ملتبساً بنعمة ربك . قاله أبو البقاء{[53212]} . وعلى هذا فهي حالٌ لازمة ؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - لم يفارق هَذِهِ الحَالَ .
الثالث : أن الباء متعلقة بما دل عليه الكلام وهو اعتراض بين اسم «ما » وخبرها والتقدير : ما أنت في حال أذْكَارِك بنعمةِ ربك بكاهنٍ ولا مجنون . قاله الحوفيّ{[53213]} . قال شهاب الدين : ويظهر وجه رابع وهو أن تكون الباء سببية وتتعلق حينئذ بمضمون الجملة المنفية . وهذا هو مقصود الآية الكريمة . والمعنى انتفى عنك الكَهَانَةُ والجنونُ بسبب نعمةِ الله عليك كما تقول : مَا أَنْتَ بمُعْسِرٍ بحمْدِ اللَّهِ وَغِنائِهِ{[53214]} .
المعنى «فَذَكِّرْ » يا محمد أهل مكة بالْقُرْآنِ { فَمَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ } أي برحمته وعصمته «بِكَاهِنٍ » مبتدع القول ومخبر بما في غد من غير وحي «وَلاَ مَجْنُونٍ » نزلت في الذين اقتسموا عِقَابَ{[53215]} مكة يرمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالكَهانةِ والسِّحر والجُنُون والشِّعر{[53216]} .
قوله : «أَمْ يَقُولُونَ » قال الثعلبي : قال الخليل : كل ما في سورة الطور من «أم » فاسْتِفْهَامٌ وليس بِعَطْفٍ{[53217]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.