أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱبۡتُلِيَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَزُلۡزِلُواْ زِلۡزَالٗا شَدِيدٗا} (11)

شرح الكلمات :

{ هنالك ابتلي المؤمنون } : أي ثم في الخندق وساحة المعركة أُختبر المؤمنون .

{ وزلزلوا زلزالا شديدا } : أي حركوا حراكا قويا من شدة الفزع .

المعنى :

وقوله تعالى { هنالك } أي في ذلك المكان والزمان الذي حدّق العدو بكم { اُبتلي المؤمنون } أي اختبرهم ربهم ليرى الثابت على إيمانه الذي لا تزعزعه الشدائد والفتن من السريع الانهزام والتحول لضعف عقيدته وقلة عزمه وصبره . وقوله تعالى { وزلزلوا زلزالاً شديدا } أي أُزعجوا وحرّكوا حراكاً شديداً لعوامل قوة العدو وكثرة جنوده ، وضعف المؤمنين وقلة عددهم ، وعامل المجاعة والحصار ، والبرد الشديد وما أظهره المنافقون من تخاذل وما كشفت عنه الحال من نقض بني قريظة عهدهم وانضمامهم إلى الأحزاب .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱبۡتُلِيَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَزُلۡزِلُواْ زِلۡزَالٗا شَدِيدٗا} (11)

ولما كانت الشدة في الحقيقة إنما هي للثابت لأنه ما عنده إلا الهلاك أو النصرة ، وأما المنافق فيلقي السلم{[55172]} ويدخل داره الذل بالموافقة على جميع ما يراد منه ، ترجم حال المؤمنين قاصراً الخطاب على الرأس لئلا يدخل في مضمون الخبر إعلاماً بأن منصبه الشريف أجلّ من أن يبتلى فقال تعالى : { هنالك } أي في ذلك{[55173]} الوقت العظيم البعيد الرتبة { ابتلي المؤمنون } أي خولط {[55174]}الراسخون في الإيمان بما شأنه أن يحيل ما خالطه ويميله ، وبناه للمجهول لما كان المقصود إنما هو معرفة المخلص من غيره{[55175]} ، مع العلم بأن فاعل ذلك هو الذي له الأمر{[55176]} كله ، ولم يؤكد الابتلاء بالشدة لدلالة الافتعال عليها ، وصرف الكلام عن الخطاب مع ما تقدم من فوائده ، وعبر بالوصف ليخص الراسخين فقال : { وزلزلوا } أي حركوا ودفعوا وأقلقوا وأزعجوا بما يرون من الأهوال بتظافر الأعداء مع الكثرة ، وتطاير الأراجيف { زلزالاً شديداً * } فثبتوا بتثبيت الله لهم على عهدهم .


[55172]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: السلام.
[55173]:زيد من ظ وم ومد.
[55174]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[55175]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[55176]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الأمل.