أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{أَوَلَيۡسَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۚ بَلَىٰ وَهُوَ ٱلۡخَلَّـٰقُ ٱلۡعَلِيمُ} (81)

شرح الكلمات :

{ بقادر على أن يخلق مثلهم } : أي مثل الأناسي .

{ بلى } : أي قادر على ذلك إذ خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس .

المعنى :

{ أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم ؛ ؟ ووجه البرهنة فيه أننا ننظر إلى السموات السبع وما فيها من خلق عجيب وإلى الأرض وما فيها كذلك وننظر إلى الإنسان فنجده لا شيء إذا قوبل بالسموات والأرض فنحكم بأن من خلق السموات والأرض على عظمها قادر من باب أولى على خلق الإِنسان مرة أخرى بعد موته وبلاه وفنائه . ولذا أجاب تعالى عن سؤاله بنفسه فقال { بلى وهو الخلاق العليم } أي الخلاق لكل ما أراد خلقه العليم بكل مخلوقاته لا يخفى عليه شيء منها ، وبرهان رابع في قوله { إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون } .

الهداية :

من الهداية :

- تنزيه الله تعالى عن العجز والنقص وعن الشريك والولد وسائر النقائص .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَوَلَيۡسَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۚ بَلَىٰ وَهُوَ ٱلۡخَلَّـٰقُ ٱلۡعَلِيمُ} (81)

ولما كان التقدير : أليس الذي قدر على ذلك بقادر على ما يريد من إحياء العظام وغيرها ، عطف عليه ما هو أعظم شأناً منه تقريراً على الأدنى بالأعلى فقال : { أوليس الذي خلق } أي أوجد من العدم وقدر { السماوات والأرض } أي على كبرهما وعظمتهما وعظيم ما فيهما من المنافع والمصانع والعجائب والبدائع ، وأثبت الجار تحقيقاً للأمر وتأكيداً للتقرير فقال : { بقادر } أي بثابت له قدرة لا يساويها قدرة ، ومعنى قراءة رويس عن يعقوب بتحتانية مفتوحة وإسكان القاف من غير ألف ورفع الراء أنه يجدد تعليق القدرة على سبيل الاستمرار { على أن يخلق } ولفت الكلام إلى الغيبة إيذاناً بأنهم صاروا بهذا الجدل أهلاً لغاية الغضب فقال : { مثلهم } أي مثل هؤلاء الأناسي أي يعيدهم بأعيانهم كما تقول : مثلك كذا أي أنت ، وعبر به إفهاماً لتحقيرهم وأن إحياء العظام الميتة أكثر ما يكون خلقاً جديداً ، بل ينقص عن الاختراع بأن له مادة موجودة ، وعبر بضمير الجمع لأنه أدل على القدرة ، قال الرازي : والقدرة عبارة عن المعنى الذي به يوجد الشيء مقدراً بتقدير الإرادة والعلم واقعاً على وفقهما وإن كانت صفات الله تعالى أعلى من أن يطمحها نظر عقل ، وتلحقها العبارات اللغوية ، ولكن غاية القدرة البشرية واللغة العربية هذا .

ولما كان الجواب بعد ما مضى من الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة الاعتراف ، قال سبحانه مقرراً لما بعد النفي إشارة إلى أنه تجب المبادرة إليه ، ولا يجوز التوقف فيه ومن توقف فهو معاند : { بلى } أي هو قادر على ذلك { وهو } مع ذلك أي كونه عالماً بالخلق { الخلاق } البالغ في هذه الصفة مطلقاً في تكثير الخلق وتكريره بالنسبة إلى كل شيء ما لا تحيط به الأوهام ، ولا تدركه العقول والأفهام ، ولم ينازع أحد في العلم بالجزئيات بعد كونها ، كما نازعوا في القدرة على إيجاد بعض الجزئيات ، فاكتفى فيه بصيغة فعيل فقيل : { العليم * } أي البالغ في العلم الذي هو منشأ القدرة ، فلا يخفى عليه كلي ولا جزئي في ماضٍ ولا حال ولا مستقبل شاهد أو غائب .