أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{فَٱعۡبُدُواْ مَا شِئۡتُم مِّن دُونِهِۦۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ} (15)

شرح الكلمات :

{ فاعبدوا ما شئتم } : أي إن أبيتم أيها المشركون عبادة الله وحده فاعبدوا ما شئتم من الأوثان فإِنكم خاسرون .

{ خسروا أنفسهم } : أي فحرموها الجنة وخلدوها في النار .

{ وأهليهم } : أي الحور العين اللائي كن لهم في الجنة لو آمنوا واتقوا بفعل الطاعات وترك المنهيات .

المعنى :

وأما أنتم أيها المشركون إن أبيتم التوحيد فاعبدوا ما شئتم من آلهة دونه تعالى ويأمره أن يقول لهم إن الخاسرين بحق ليسوا أولئك الذي يخسرون دنياهم فيفقدون الدار والبعير أو المار والأهل والولد بل هم الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ، وذلك بتخليدهم في النار ، وبعدم وصولهم إلى الحور العين المعدة لهم في الجنة لو أنهم آمنوا واتقوا . إلا ذلك أي هذا هو الخسران المبين .

الهداية :

من الهداية :

- كل خسران في الدنيا إذا قيس بخسران الآخرة لا يعد خسراناً أبداً

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَٱعۡبُدُواْ مَا شِئۡتُم مِّن دُونِهِۦۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ} (15)

" فاعبدوا ما شئتم من دونه " أمر تهديد ووعيد وتوبيخ ، كقوله تعالى : " اعملوا ما شئتم " [ فصلت : 40 ] . وقيل : منسوخة بآية السيف .

قوله تعالى : " قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين " قال ميمون بن مهران عن ابن عباس : ليس من أحد إلا وقد خلق الله له زوجة في الجنة ، فإذا دخل النار خسر نفسه وأهله . في رواية عن ابن عباس : فمن عمل بطاعة الله كان له ذلك المنزل والأهل إلا ما كان له قبل ذلك ، وهو قوله تعالى : " أولئك هم الوارثون " [ المؤمنون : 10 ] .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَٱعۡبُدُواْ مَا شِئۡتُم مِّن دُونِهِۦۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ} (15)

ولما علم من هذا غاية الامتثال بغاية الرغبة والرهبة وهم يعلمون أنه صلى الله عليه وسلم أقواهم قلباً وأصفاهم لباً ، وأجرأهم نفساً وأصدقهم وأشجعهم عشيرة وحزباً ، كان خوف غيره من باب الأولى ، فسبب عنه تهديدهم أعظم تهديد بقوله : { فاعبدوا } أي أنتم أيها الداعون له في وقت الضراء المعرضون عنه في وقت الرخاء { ما شئتم } أي من جماد أو غيره . ونبّه على سفول رتبة كل شيء بالنسبة إليه سبحانه تسفيهاً لمن يلتفت إلى سواه بقوله : { من دونه } فإن عبادة ما دونه تؤدي إلى قطع إحسانه ، ولا إحسان إلا إحسانه ، فإذا انقطع حصل كل سوء ، وفي ذلك جميع الخسارة .

ولما كانوا يدعون الذكاء ، ويفعلون ما لا يفعله عاقل ، أمره أن يقول لهم ما ينبههم على غباوتهم بما يصيرون إليه من شقاوتهم فقال : { قل إن الخاسرين } أي الذين خسارتهم هي الخسارة لكونها النهاية في العطب { الذين خسروا أنفسهم } أي بدخولهم النار التي هي معدن الهلاك لعبادتهم غير الله من كل ما يوجب الطغيان . ولما كان أعز ما على الإنسان بعد نفسه أهله الذين عزه بهم قال : { وأهليهم } أي لأنهم إن كانوا مثلهم فحالهم في الخسارة كحالهم ، ولا يمكن أحداً منهم أن يواسي صاحبه بوجه فإنه لكل منهم شأن يغنيه ، وإن كانوا ناجين فلا اجتماع بينهم .

ولما كانت العاقبة هي المقصودة بالذات ، قال : { يوم القيامة } لأن ذلك اليوم هو الفيصل لا يمكن لما فات فيه تدارك أصلاً ولما كان في ذلك غاية الهول . كرر التعريف بغباوتهم تنبيهاً على رسخوهم في ذلك الوصف على طريق النتيجة لما أفهمه ما قبله ، فقال منادياً لأنه أهول مبالغاً بالاستئناف وحرف التنبيه وضمير الفصل وتعريف الخبر ووصفه : { ألا ذلك } أي الأمر العظيم البعيد الرتبة في الخسارة جداً { هو } أي وحده { الخسران } أتى بصيغة الفعلان المفهم مطلقها للمبالغة فكيف إذا بنيت على الضم الذي هو أثقل الحركات ، وزاد في تقريعهم بالغباوة بقوله : { المبين * } .